وهو في عهدة تبقيها دنيا وآخرة. قال القفطي: كان ظالم النفس عسوفا فيما يتولاه قال لبعض العاقلين: خف عذابي فإنه أليم شديد. فقال له الرجل: فإذا أنت الله لا إله إلا هو. فخجل ولم يمنعه ذلك ولم يردعه عما أراده من ظلمه. قال: وكان يظن بنفسه الكثير حتى لا يرى أحدا مثله (1).
ثم توصل مجد الدين إلى أن يكون كاتبا في المخزن، وهو كوزارة المالية في عصرنا، وكانت توقيعات التعيينات مسندة كتابتها إليه، ثم ترقى حتى صار صدرا في المخزن، أي صاحب المخزن كوزير المالية في عصرنا، وكان ذلك في ليلة عاشر ذي القعدة سنة 605 مضافا إلى ولاية دجيل وطريق خراسان أي لواء ديالى والخالص والخزانة والعقار وغير ذلك من أعمال الحضرة ببغداد (2) ولما كان كاتبا عدلا في المخزن كان له من الجراية أي الجامكية خمسة دنانير في الشهر، فلما ولي الصدرية قرر له عشرة دنانير، وقد ذكر القفطي حكاية وقعت للمترجم أيام توليه صدرية المخزن إلا أن سقم الخط الذي كتبت به أحالها، قال: سأله بعض التجار والغرباء العناية بشخص في إيصال حقه إليه من المخزن فوعده ومطله، فقال التاجر الشافع - وكان يدل عليه -: فدفعت إليه في كل يوم بدانق. قال له: وكيف؟ قال:
لأنك كنت عدلا أقرب منه حالا اليوم. وأشار إلى أنه لما زيد رزقه ورفعت مرتبته تجبر دصر - كذا - زيادة وهي سدس درهم في كل يوم وهو الدانق حتى أخجله الله وصرف عن ذلك وسجن مدة (3)، وكان عزله عن تلك الولايات كلها يوم السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة 611 هج، ثم أطلق من السجن وجعل وكيلا كاتبا بباب دار الأمير عدة الدين أبي نصر محمد بن الناصر لدين الله ومات وهو على ذلك في منتصف شعبان من سنة 616 هج، وكان كهلا ودفن في مقابر قريش أي أرض المشهد الكاظمي (4).