ولا بأس بزيارة القبور والدعاء للأموات إن كانوا مؤمنين، من غير وطئ القبور، لقوله صلى الله عليه وسلم: إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ولعمل الأمة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا.
وصرح في " المجتني " بأنها مندوبة، وقيل: تحرم على النساء، والأصح: أن الرخصة ثابتة لهما، وكان صلى الله عليه وسلم يعلم السلام على الموتى: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين. ذكره إلى آخره ثم ذكر قراءة القرآن عند القبور وشيئا من أدب الزيارة.
4 - أجاب ابن حجر المكي الهيثمي المتوفى 973 في الفتاوى الكبرى الفقهية ج 2 ص 24 لما سئل رضي الله عنه عن زيارة قبور الأولياء في زمن معين مع الرحلة إليها هل يجوز مع أنه يجتمع عند تلك القبور مفاسد كثيرة كاختلاط النساء بالرجال وإسراج السرج الكثيرة وغير ذلك؟ بقوله: زيارة قبور الأولياء قربة مستحبة وكذا الرحلة إليها، وقول الشيخ أبي محمد: لا تستحب الرحلة إلا لزيارته صلى الله عليه وسلم رده الغزالي بأنه قاس ذلك على منع الرحلة لغير المساجد الثلاثة مع وضوح الفرق، فإن ما عدا تلك المساجد الثلاثة مستوية في الفضل فلا فائدة في الرحلة إليها. وأما الأولياء فإنهم متفاوتون في القرب من الله تعالى ونفع الزائرين بحسب معارفهم وأسرارهم، فكان للرحلة إليهم فائدة أي فائدة، فمن ثم سنت الرحلة إليهم للرجال فقط بقصد ذلك وانعقد نذرها كما بسطت الكلام على ذلك في " شرح العباب " بما لا مزيد على حسنه وتحريره، وما أشار إليه السائل من تلك البدع أو المحرمات، فالقربات لا تترك لمثل ذلك بل على الانسان فعلها وإنكار البدع بل وإزالتها إن أمكنه، وقد ذكر الفقهاء في الطواف المندوب فضلا عن الواجب أنه يفعل ولو مع وجود النساء وكذا الرمي، لكن أمروه بالبعد عنهن وكذا الزيارة يفعلها لكن يبعد عنهن وينهي عما يراه محرما بل ويزيله إن قدر كما مر، هذا إن لم تتيسر له الزيارة إلا مع وجود تلك المفاسد، فإن تيسرت مع عدم المفاسد، فتارة يقدر على إزالة كلها أو بعضها فيتأكد له الزيارة مع وجود تلك المفاسد ليزيل منها ما قدر عليه، وتارة لا يقدر على إزالة شئ منها فالأولى له الزيارة في غير زمن تلك المفاسد، بل لو قيل: يمنع منها حينئذ لم يبعد. ومن أطلق المنع من الزيارة خوف ذلك الاختلاط