قال الأميني: هناك جماعة من الحفاظ وأعلام أهل السنة بسطوا القول في التوسل وقالوا: إن التوسل بالنبي جائز في كل حال قبل خلقه وبعده في مدة حياته في الدنيا وبعد موته في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة والجنة وجعلوه على ثلاثة أنواع:
1 - طلب الحاجة من الله تعالى به أو بجاهه أو لبركته. فقالوا: إن التوسل بهذا المعنى جايز في جميع الأحوال المذكورة.
2 - التوسل به بمعنى طلب الدعاء منه، وحكموا بأن ذلك جايز في الأحوال كلها.
3 - الطلب من النبي صلى الله عليه وآله ذلك الأمر المقصود، بمعنى أنه صلى الله عليه وآله قادر على التسبب فيه بسؤاله ربه وشفاعته إليه، فيعود إلى النوع الثاني في المعنى غير أن العبارة مختلفة وعدوا منه قول القائل للنبي صلى الله عليه وآله: أسألك مرافقتك في الجنة. وقول عثمان ابن أبي العاص: شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء حفظي للقرآن. فقال: ادن مني يا عثمان ثم وضع يده على صدري وقال: أخرج يا شيطان من صدر عثمان. فما سمعت بعد ذلك شيئا إلا حفظت. وقال السبكي في " شفاء السقام ": والآثار في ذلك كثيرة أيضا [إلى أن قال]: فلا عليك في تسميته توسلا. أو تشفعا. أو استغاثة. أو تجوها. أو توجها. لأن المعنى في جميع ذلك سواء.
قال الأميني: لا يسعنا إيقاف الباحث على جل ما وقفا عليه من كلمات ضافية لأعلام المذاهب الأربعة في المناسك وعيرها حول التوسل بالنبي الأقدس صلى الله عليه وآله ولو ذكرناها برمتها لتأتي كتابا حافلا، وقد بسط القول فيه جمع لا يستهان بعدتهم منهم:
1 - الحافظ ابن الجوزي المتوفى 597 في كتاب [الوفاء في فضائل المصطفى] جعل فيه بابين في المقام: باب التوسل بالنبي. وباب الاستشفاء بقبره.
2 - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن النعمان المالكي المتوفى 673 في كتابه [مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام] قال الخالدي في صلح الأخوان: هو كتاب نفيس نحو عشرين كراسا. وينقل عنه كثيرا السيد نور الدين السمهودي في " وفاء الوفاء " في الجزء الثاني في باب التوسل بالنبي الطاهر.
3 - ابن داود المالكي الشاذلي. ذكر في كتابه [البيان والاختصار] شيئا كثيرا