قائل: إنه كان خبيث اللسان، وآخر يعزو إليه التحامل على الصحابة، ومن ناسب إليه الرفض، ومن مفتعل عليه رؤيا هائلة، لكن فضله الظاهر لم يدع لهم ملتحدا عن إطرائه وإكبار موقفه في الأدب بالرغم من كل تلكم الهلجات، وجمع شعره بين الرقة والقوة والجزالة، وازدهى بالسلاسة والانسجام، وقبل أي مأثرة من مآثره أنه كان أحد حفاظ القرآن الكريم كما ذكره ابن عساكر وابن خلكان وصاحب [شذرات الذهب].
قال ابن عساكر في تاريخه ج 2 ص 97: حفظ القرآن، وتعلم اللغة والأدب، و قال الشعر، وقدم دمشق فسكنها، كان رافضيا خبيثا يعتقد مذهب الإمامية، وكان هجاء خبيث اللسان يكثر الفحش في شعره، ويستعمل فيه الألفاظ العامية، فلما كثر الهجو منه سجنه بوري بن طغتكين أمير دمشق في السجن مدة وعزم على قطع لسانه فاستوهبه يوسف بن فيروز الحاجب فوهبه له وأمر بنفيه من دمشق، فلما ولي ابنه إسماعيل بن بوري عاد إلى دمشق ثم تغير عليه إسماعيل لشئ بلغه عنه فطلبه وأراد صلبه فهرب واختفى في مسجد الوزير أياما ثم خرج من دمشق ولحق بالبلاد الشمالية ينقل من حماة (1) إلى شيزر وإلى حلب ثم قدم دمشق آخر قدمة في صحبة الملك العادل لما حاصر دمشق الحصر الثاني، فلما استقر الصلح دخل البلد ورجع مع العسكر إلى حلب فمات بها، لقد رأيته غير مرة ولم أسمع منه، فأنشدني والأمير أبو الفضل إسماعيل ابن الأمير أبي العساكر سلطان بن منقد قال: أنشدني ابن منير لنفسه:
أخلى فصد عن الحميم وما اختلى * ورأى الحمام يغصه فتوسلا ما كان واديه بأول مرتع * ودعت طلاوته طلاه فأجفلا وإذا الكريم رأى الخمول نزيله * في منزل فالحزم أن يترحلا كالبدر لما أن تضاءل نوره * طلب الكمال فحازه متنقلا 5 ساهمت عيسك مر عيشك قاعدا * أفلا فليت بهن ناصية الفلا؟!
فارق ترق كالسيف سل فبان في * متنيه ما أخفى القراب وأخملا