وكان يجتمع في رحلاته مع الملوك والأمراء والوزراء ويحظى بجوائزهم، و يستفيد من صلاتهم، ويتصل بمشيخة العلم والحديث والأدب، ويقرأ عليهم * ويسمع عنهم، ويأخذ منهم، وجرت بينه وبينهم محاضرات ومناظرات ومكاتبات، إلى أن تضلع في العلوم، وحاز قصب السبق في فنون متنوعة، وتقدم في الكتابة والخطابة، وحصل له من كل فن حظه الأوفى، ونصيبه الأعلى حتى عرفه المسعودي في (مروج الذهب) 2 ص 523 بأنه كان من أهل العلم والرواية والأدب.
عقيدته إن عصر المترجم من العصور التي زاعت فيه النحل والمذهب، وشاعت فيه الأهواء والآراء، وقل فيه من لا يرى في العقايد رأيا يفسر به إسلامه وهو ينص به على خبيئة قلبه تارة ويضمرها أخرى، وأما شاعرنا فكان في جانب من ذلك، إماميا صادق التشيع، مواليا لأهل بيت الوحي، متفانيا في ولائهم، ويجد الباحث في خلال شعره بينات تظاهره بالتهالك في ولاء آل الله، وبثه الدعوة إليهم بحججه القوية، والتفجع في مصابهم والذب عنهم، والنيل من مناوئيهم، واعتقاده فيهم أنهم وسايله إلى المولى في الحاضرة، وواسطة نجاحه في الآخرة.
وكان من مصاديق الآية الكريمة: يخرج الحي من الميت. فإن نصب جده السندي ابن شاهك وعدائه لأهل البيت الطاهر وضغطه واضطهاده الإمام موسى بن جعفر صلوات الله عليه في سجن هارون مما سار به الركبان، وسودت به صحيفة تاريخه، إلا أن حفيده هذا باينه في جميع نزعاته الشيطانية، فهو من شعراء أهل البيت المجاهرين بولائهم، المتعصبين لهم، الذابين عنهم ولا بدع فإن الله هو الذي يخرج الدر من بين الحصى، وينبت الورد محتفا بالأشواك، فمن نمازج شعره في المذهب قوله:
بكاء وقل غناء البكاء * على رزء ذرية الأنبياء لئن ذل فيه عزيز الدموع * لقد عز فيه ذليل العزاء أعاذلتي إن برد التقى * كسانيه حبي لأهل الكساء سفينة نوح فمن يعتلق * بحبهم يعتلق بالنجاء