* (الشاعر) * هبة الله بن موسى بن داود الشيرازي المؤيد في الدين داعي الدعاة، أوحدي من حملة العلم، وفذ من أفذاذ الأمة، وعبقري من جلة أعلام العلوم العربية، نابغة من نوابغ الأدب العربي، وله نصيبه الوافر من القريض بلغة الضاد وإن ولد في قاعة الفرس ونشأ في مهدها، كان من الدعاة إلى الفاطمية منذ بلغ أشده في كل حاضرة حل بها، وله في تلك الدعوة خطوات واسعة، وهو كما وصف نفسه للمستنصر بالله بقوله في سيرته ص 99: وأنا شيخ هذه الدعوة ويدها ولسانها ومن لا يماثلني أحد فيها. وقد كابد دون تلك الدعوة كوارث، وقاسى نوازل ملمة، وعانى شدائد فادحة، غير أنه كان يستخف وراثها كل هامة ولامة، ولم يك يكترث لأي نازلة.
ولد بشيراز حوالي سنة 390 كما يظهر من شعره، وبها شب ونما إلى أن غادرها سنة 429 ويمم الأهواز وفارق مسقط رأسه خائفا يترقب فرقا من السلطان أبي كاليجار بعد ما جرى بينه وبين الملك ما يورث البغضاء، وما تأتى له اقتناء مرضاته بأرجوزته (المسمطة) في 153 بيتا ذكرها في سيرته ص 48 - 54 فنزل الأهواز غير أن هواجسه ما حدثته بالطمأنينة إلى الأمن من غيلة الملك فهبط حلة منصور بن الحسين الأسدي الذي ملك الجزيرة الدبيسية بجوار خوزستان، ومكث هنالك نحو سبعة أشهر، ثم اتجه إلى قرواش أبي المنيع ابن المقلد أمير بني عقيل صاحب الموصل والكوفة و الأنبار، فلما لم يجده آخذا بناصره في دعوته سار إلى مصر بعد سنة 436 وقبل سنة 439 ومكث فيها ردحا من الزمن إلى أن غدا وله بعض النفوذ في البلاد، فسير إلى الشام باقتراح الوزير عبد الله بن يحيى بن المدبر، ثم عاد إلى مصر بعد مدة، فقطن فيها بقية حياته إلى أن توفي بها سنة 470.
وللمؤيد آثار علمية تنم عن طول باعه في الحجاج والمناظرة، وعن سعة اطلاعه على معالم الدين ومباحثه الراقية، وتضلعه في علمي الكتاب والسنة ووقوفه على ما فيهما من دقائق ورقائق، له رسائل ناظر بها أبا العلاء المعري في موضوع أكل اللحم، نشرت في مجلة (الجمعية الملكية الآسيوية) سنة 1902 م. ومناظرته القيمة مع علماء شيراز