علم الهدى وابن المطرز (1) في (الدرجات الرفيعة): إن الشريف المرتضى كان جالسا في علية له تشرف على الطريق فرأى ابن المطرز الشاعر وفي رجليه نعلان مقطعان وهما يثيران الغبار فقال له: أمن مثل هذه كانت ركائبك؟ يشير إلى بيت في قصيدته التي أولها:
سرى مغربا بالعيش ينتجع الركبا * يسائل عن بدر الدجى الشرق والغربا على عذبات الجزع من ماء تغلب * غزال يرى ماء القلوب له شربا إذا لم تبلغني إليك ركائبي * فلا وردت ماء ولا رعت العشبا والبيت الأخير هو المشار إليه فقال ابن المطرز: لما عادت هبات سيدنا الشريف إلى مثل قوله:
يا خليلي من ذوابة قيس * في التصابي مكارم الأخلاق غنياني بذكرهم تطرباني * واسقياني دمعي بكأس دهاق وخذا النوم من جفوني فإني * قد خلعت الكرى على العشاق عادت ركائبي إلى ما ترى فإنه وهب ما لا يملك على من لا يقبل، فأمر له الشريف بجائزة.
المرتضى والزعامة كان سيدنا الشريف وقد انتهت إليه رياسة الدين والدنيا من شتى النواحي منها:
1: غزارة علمه التي حدت العلماء إلى البخوع له والرضوخ لتعاليمه. فكان يختلف إلى منتدى تدريسه الجماهير من فطاحل العلم والنظر فيميرهم بسائغ علمه، ويرويهم بنمير أنظاره العالية، فتخرج من تحت منبره نوابغ الوقت من فقيه بارع، ومتكلم مناظر، وأصولي مدقق، وأديب شاعر، وخطيب مبدع، وكان يدر من ماله الطائل (2) على تلمذته الجرايات والمسانهات ليتفرغوا بكلهم إلى الدراسة من غير تفكير في أزمة المعيشة، فكان شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي يقتضي منه في الشهر اثني عشر دينارا، والشيخ القاضي ابن البراج الحلبي يستوفي ثمانية دنانير، و