ومنها اللسان الذين ينطق به، ومنها أذناه اللتان يسمع بهما، ومنها عيناه اللتان يبصر بهما، ومنها يداه اللتان يبطش بهما، ومنه رجلاه اللتان يسعى بهما ومنها فرجه الذي الباه من قبله، ومنها رأسه الذي فيه وجهه وليس جارحة من جوارحه الا وهي مخصوصة بفريضة، ففرض على القلب غير ما فرض على اللسان وفرض على اللسان غير ما فرض على السمع وفرض على السمع غير ما فرض على البصر وفرض على البصر غير ما فرض على اليدين وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين وفرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه وفرض على الوجه غير ما فرض على اللسان فأما فرضه على القلب من الايمان الاقرار والمعرفة والعقد عليه والرضا بما فرض عليه والتسليم لأمره والذكر والتفكر والانقياد إلى كل ما جاء عن الله عز وجل في كتابه مع حصول المعجز فيجب عليه اعتقاده وأن يظهر مثل ما بطن الا لضرورة كقوله تعالى: " الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان " وقوله تعالى: " لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " وقوله سبحانه:
" ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا وما خلقت هذا باطلا " وقوله تعالى:
" افلا يتدبرون القرآن أم على قلوب اقفالها " وقال عز وجل: " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " ومثل هذا كثير في كتاب الله وهو رأس الايمان، وأما ما فرضه على اللسان فقوله عز وجل في معنى التفسير لما عقد عليه القلب فقوله تعالى: قولوا آمنا بالله وما انزل الينا وما انزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب " الآية، وقوله سبحانه: " وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " وقوله سبحانه: " ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خير لكم انما هو اله واحد " فأمر سبحانه بقول الحق ونهى عن قول الباطل، وأما ما فرضه على الاذنين فالاستماع إلى ذكر الله تعالى والانصات لما يتلى من كتابه وترك الاصغاء لما يسخطه فقال سبحانه: " فإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون " وقال تعالى " وقد نزل عليكم في الكتاب ان إذا سمعتم آيات الله يكفر بها