صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة. جمع نص صلى الله عليه وسلم على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة.
الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفا وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث.
وذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بإسناده أن النبي " ص " لما قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار، وبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري وأتاه على ناقة له، فأناخها على باب المسجد ثم عقلها، وجاء فدخل المسجد فجثا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك ذلك. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه.
فهذا شئ منك أو من الله تعالى؟ فقال رسول الله " ص " - وقد احمرت عيناه -:
والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله وليس مني. قالها ثلاثا.
فقام الحارث وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأرسل علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. قال: فوالله ما بلغ ناقته حتى رماه الله بحجارة من السماء فوقع على هامته فخرج من دبره ومات وأنزل الله تعالى:
سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع.
فأما قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال علماء العربية: لفظ " المولى " يرد على وجوه " أحدها " بمعنى المالك ومنه قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه. أي على مالك رقه " والثاني " بمعنى المعتق " والثالث " بمعنى المعتق بفتح التاء " والرابع " بمعنى الناصر ومنه قوله تعالى: ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم.
أي لا ناصر لهم " والخامس " بمعنى ابن العم قال الشاعر:
مهلا بني عمنا مهلا موالينا * لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا