منهم خلق كثير، فأنفذ قائدا من قواده وضم إليه كنفا 1 من الجند كثيرا ليشعب 2 قبر الحسين عليه السلام ويمنع الناس من زيارته والاجتماع إلى قبره، فخرج القائد إلى الطف و عمل بما أمر، ذلك في سنة سبع وثلاثين ومائتين، فثار أهل السواد به واجتمعوا عليه، و قالوا: لو قتلنا عن آخرنا لما أمسك من بقي منا عن زيارته ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا، فكتب بالامر إلى الحضرة.
فورد كتاب المتوكل إلى القائد بالكف عنهم والمسير إلى الكوفة، مظهرا أن مسيره إليها في مصالح أهلها، والانكفاء إلى المصر. 3 فمضى الامر على ذلك حتى كانت سنة سبع وأربعين فبلغ المتوكل أيضا مصير الناس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليه السلام وأنه قد كثر جمعهم لذلك 4، وصار لهم سوق 5 كبير فأنفذ قائدا في جمع كثير من الجند، وأمر مناديا ينادي ببراءة الذمة ممن زار قبره ونبش القبر وحرث أرضه وانقطع الناس عن الزيارة وعمل على تتبع آل أبي طالب والشيعة، فقتل ولم يتم له ما قدره 6.
توضيح: قوله " كنفا من الجند " أي جانبا كناية عن الجماعة منهم، وفي بعض النسخ بالثاء وهو بالفتح الجماعة، قوله " ليشعب " أي يشق وينبش، وفي بعض النسخ المصححة ليشعث من قبر [ه]، يقال شعث منه تشعيثا نضح 7 عنه وذب و دفع، وانكفأ: رجع.
5 - المناقب لابن شهرآشوب: وروى جماعة من الثقات أنه لما أمر المتوكل بحرث قبر الحسين عليه السلام وأن يجري الماء عليه من العلقمي، أتى زيد المجنون وبهلول المجنون إلى كربلاء فنظر إلى القبر وإذا هو معلق بالقدرة في الهواء، فقال زيد:
" يريدون ان يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون " 8 وذلك أن الحراث حرث سبع عشرة مرة والقبر يرجع إلى 9 حاله فلما نظر