قال أبو بكر بن عياش: فانتبهت وقد دخلني روع شديد، وحزن وكآبة، و مضت بي الأيام حتى كدت أن أنسى المنام، ثم اضطررت إلى الخروج إلى بني غاضرة لدين كان لي على رجل منهم، فخرجت وأنا لا أذكر الحديث حتى [إذا] صرت بقنطرة الكوفة لقيني عشرة من اللصوص فحين رأيتهم ذكرت الحديث ورعبت من خشيتي لهم، فقالوا لي: ألق ما معك وانج بنفسك، وكانت معي نفيقة، فقلت: ويحكم أنا أبو بكر بن عياش وإنما خرجت في طلب دين لي، والله [و] الله لا تقطعوني عن طلب ديني وتصرفاتي 1 في نفقتي فاني شديد الإضافة، فنادى رجل منهم: مولاي ورب الكعبة لا يعرض له، ثم قال لبعض فتيانهم كن معه حتى تصير به إلى الطريق الأيمن.
قال أبو بكر: فجعلت أتذكر ما رأيته في المنام وأتعجب من تأويل الخنازير حتى صرت إلى نينوى، 2 فرأيت والله الذي لا إله إلا هو الشيخ الذي كنت رأيته في منامي بصورته وهيئته، رأيته في اليقظة كما رأيته في المنام سواء، فحين رأيته ذكرت الامر والرؤيا، فقلت: لا إله إلا الله! ما كان هذا إلا وحيا ثم سألته كمسألتي إياه في المنام فأجابني بما كان أجابني ثم قال لي: امض بنا فمضيت فوقفت معه على الموضع و هو مكروب فلم يفتني شئ من منامي إلا الآذن والحير فاني لم أر حيرا ولم أر آذنا.
فاتق الله أيها الرجل فاني قد آليت على نفسي أن لا أدع إذاعة هذا الحديث ولا زيارة ذلك الموضع وقصده وإعظامه، فإن موضعا يأمه 3 إبراهيم ومحمد وجبرئيل و ميكائيل لحقيق بأن يرغب في إتيانه وزيارته، فإن أبا حصين حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من رآني في المنام فإياي رأى فإن الشيطان لا يتشبه بي.
فقال له موسى: إنما أمسكت عن إجابة كلامك لأستوفي هذه الحمقة التي ظهرت منك، " وتالله إن " 4 بلغني بعد هذا الوقت أنك تحدث بهذا لأضربن عنقك و عنق هذا الذي جئت به شاهدا علي. فقال له أبو بكر: إذا يمنعني الله وإياه منك فإني إنما أردت الله بما كلمتك به فقال له: أتراجعني يا ماص.... وشتمه فقال له: اسكت