قومي بنى غاضرة فلما صرت بقنطرة الكوفة، اعترضني خنازير عشرة تريدني، فأغاثني الله برجل كنت أعرفه من بني أسد، فدفعها عني فمضيت لوجهي، فلما صرت إلى شاهي 1 ضللت الطريق فرأيت هناك عجوزا فقالت: لي: أين تريد أيها الشيخ؟ قلت: أريد الغاضرية، قالت لي: تنظر هذا الوادي فإنك إذا أتيت إلى آخره اتضح لك الطريق، فمضيت وفعلت ذلك، فلما صرت إلى نينوى إذا أنا بشيخ كبير جالس هناك، فقلت:
من أين أنت أيها الشيخ؟ فقال لي: أنا من أهل هذه القرية، فقلت: كم تعد من السنين؟ فقال: ما أحفظ ما مر من سني وعمري، ولكن أبعد ذكري أني رأيت الحسين بن علي عليهما السلام ومن كان معه من أهله ومن تبعه يمنعون الماء الذي تراه ولا تمنع الكلاب ولا الوحوش شربه.
فاستعظمت 2 ذلك وقلت له: ويحك أنت رأيت هذا؟ قال: إي والذي سمك السماء، لقد رأيت هذا أيها الشيخ وعاينته، وانك وأصحابك [هم] الذي تعينون على ما قد رأينا مما أقرح عيون المسلمين إن كان في الدنيا مسلم، فقلت: ويحك وما هو؟
قال: حيث لم تنكروا ما أجرى سلطانكم إليه، قلت: وما جرى 3؟ قال: أيكرب قبر ابن النبي ويحرث أرضه، قلت: وأين القبر؟ قال: ها هو ذا أنت واقف في أرضه، فأما القبر فقد عمي عن أن يعرف موضعه.
قال أبو بكر بن عياش: وما كنت رأيت القبر (قبل) ذلك الوقت قط ولا أتيته في طول عمري، فقلت: من لي بمعرفته؟ فمضى معي الشيخ حتى وقف بي على حير 4 له باب وآذن وإذا جماعة كثيرة على الباب، فقلت: للاذن أريد الدخول على ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: لا تقدر على الوصول في هذا الوقت، قلت: ولم؟ قال: هذا وقت زيارة إبراهيم خليل الله عليه السلام، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومعهما جبرئيل وميكائيل في رعيل من الملائكة كثير.