الله أعطاك المهابة والتقى * وأحل بيتك في العديد الأكثر وأقر عينك يوم وقعة خازر * والخيل تعثر في القنا المتكسر من ظالمين كفتهم أيامهم * تركوا لحاجلة وطير أعثر ما كان اجرأهم جزاهم ربهم * يوم الحساب على ارتكاب المنكر قال الرواة: رأينا إبراهيم بعدما انكسر العسكر، وانكشف العثير 1، قوما منهم ثبتوا وصبروا وقاتلوا فلقطهم من صهوات الخيل، وقذفهم في لهوات الليل حتى صبغت الأرض من دمائهم ثيابا حمرا وملا الفجاج 2 ببأسه ذعرا، وتساقطت النسور على النسور وأهوت العقبان على أجسادهم وهي كالعقيق المنثور، واصطلح على أكل لحمهم الذئب والسبع، والسيد 3 والضبع.
قال إبراهيم: وأقبل رجل أحمر في كبكبة يغري الناس كأنه بغل أقمر لا يدنو منه فارس إلا صرعه، ولا كمي إلا قطعه، فدنا مني فضربت يده فأبنتها وسقط على شاطئ الخازر، فشرقت يداه وغربت رجلاه فقتله ووجدت رائحة المسك تفوح منه وجاء رجل نزع خفيه وظنوا أنه ابن زياد من غير تحقيق فطلبوه فإذا هو على ما وصف إبراهيم فاجتزوا رأسه، واحتفظوا طول الليل بجسده، فلما أصبحوا عرفه مهران مولى زياد، فلما رآه إبراهيم قال: الحمد لله الذي أجرى قتله على يدي وقتل في صفر.
وقال قوم من أصحاب الحديث: يوم عاشوراء وعمره دون الأربعين وقيل تسع وثلاثون سنة. وأصبح الناس فحووا ما كان وغنموا غنيمة عظيمة، ولقد أجاد أبو السفاح الزبيدي بمدحته إبراهيم وهجائه ابن زياد - لعنه الله - فقال:
أتاكم غلام من عرانين 4 مذحج * جرئ على الأعداء غير نكول أتاه عبيد الله في شر 5 عصبة * من الشام لما أرضيوا بقليل فلما التقى الجمعان في حومة الوغى * وللموت فيهم ثم جر ذيول فأصبحت قد ودعت هندا * وأصبحت مولهة ما وجدها بقليل