أنا بفارس على جواد أغر، له وجه كتمام القمر، تحت ركابه ألوف، إن أمر ائتمروا، و إن زجر انزجروا فاقشعرت الأجسام من لفتاته، وارتعدت الفرائص من خطراته فتأسفت على الأول ما سألت عنه خيفة من هذا، وإذا به قد قام في ركابه وأشار إلى أصحابه، وسمعت قوله خذوه، وإذا بأحدهم قاهر بعضدي 1 كلبه 2 حديد 3 خارجة من النار، فمضى بي إليه فخلت كتفي اليمنى قد انقلعت، فسألته الخفة فزادني ثقلا، فقلت له: سألتك بمن أمرك علي من تكون؟ قال: ملك من ملائكة الجبار، قلت: ومن هذا؟ قال: علي الكرار، قلت: والذي قبله؟ قال: محمد المختار، قلت: والذي حوله؟
قال: النبيون، والصديقون، والشهداء، والصالحون، والمؤمنون، قلت: أنا ما فعلت حتى أمرك علي؟ قال: إليه يرجع الامر، وحالك حال هؤلاء، فحققت النظر وإذا بعمر بن سعد أمير العسكر، وقوم لم أعرفهم وإذا بعنقه سلسلة من حديد، والنار خارجة من عينيه واذنيه فأيقنت بالهلاك وباقي القوم منهم مغلل ومنهم مقيد ومنهم مقهور بعضده مثلي.
فبينا نحن نسير، وإذا برسول الله صلى الله عليه وآله الذي وصفه الملك جالس على كرسي عال يزهر 4 أظنه من اللؤلؤ، ورجلين ذي شيبتين بهيتين 5 عن يمينه، فسألت الملك عنهما، فقال: نوح وإبراهيم وإذا برسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما صنعت يا علي؟ قال: ما تركت أحدا من قاتلي الحسين إلا وأتيت به، فحمدت الله تعالى على أني لم أكن منهم ورد إلي عقلي، وإذا برسول الله صلى الله عليه وآله يقول: قدموهم فقدموهم إليه وجعل يسألهم ويبكي و يبكي كل من في الموقف لبكائه لأنه يقول للرجل: ما صنعت بطف كربلاء بولدي الحسين؟ فيجيب يا رسول الله أنا حميت الماء عليه وهذا يقول: أنا قتلته وهذا يقول:
أنا وطئت صدره بفرسي، ومنهم من يقول: أنا ضربت ولده العليل، فصاح رسول الله صلى الله عليه وآله: وا ولداه وا قلة ناصراه وا حسيناه وا علياه هكذا جرى عليكم بعدي أهل بيتي انظر يا أبي آدم، انظر يا أخي نوح، كيف خلفوني في ذريتي؟ فبكوا حتى ارتج المحشر، فأمر بهم زبانية جهنم يجرونهم أولا فأولا إلى النار.
وإذا بهم قد أتوا برجل، فسأله فقال: ما صنعت شيئا، فقال: أما كنت نجارا؟