فديتك يا حسين يعز والله علي أن أراك مقطوع الرأس مرمل الجبينين دامي النحر مكبوبا على قفاك قد كساك الذارئ من الرمول وأنت طريح مقتول مقطوع الكفين، يا بني من قطع يدك اليمنى وثنى باليسرى؟ 1 فقال: يا جداه كان معي جمال من المدينة، وكان يراني إذا وضعت سراويلي للوضوء، فيتمنى أن تكون تكتي له، فما منعني أن أدفعها إليه إلا لعلمي أنه صاحب هذا الفعل.
فلما قتلت خرج يطلبني بين القتلى، فوجدني جثة بلا رأس فتفقد سراويلي فرأى التكة وقد كنت عقدتها عقدا كثيرة، فضرب بيده إلى التكة فحل عقدة منها فمددت يدي اليمنى، فقبضت على التكة، فطلب في المعركة فوجد قطعة سيف مكسور فقطع به يميني، ثم حل عقدة أخرى فقبضت على التكة بيدي اليسرى كي لا يحلها فتنكشف عورتي، فحز 2 يدي اليسرى، فلما أراد حل التكة حس بك فرمى نفسه بين القتلى.
فلما سمع النبي صلى الله عليه وآله كلام الحسين عليه السلام بكى بكاء شديدا، وأتى إلي بين القتلى إلى أن وقف نحوي، فقال: مالي ومالك يا جمال؟ تقطع يدين طالما قبلهما جبرئيل وملائكة الله أجمعين، وتباركت بهما 3 أهل السماوات والأرضين؟ أما كفاك ما صنع به الملاعين من الذل والهوان؟! فهتكوا 4 نساءه من بعد الخدور وانسدال الستور سود الله وجهك يا جمال في الدنيا والآخرة وقطع الله يديك ورجليك، وجعلك في حزب من سفك دماءنا وتجرأ على الله، فما استتم دعاءه صلى الله عليه وآله حتى شلت يداي وحسست بوجهي كأنه البس قطعا من الليل مظلما وبقيت على هذه الحالة فجئت إلى هذا البيت أستشفع وأنا أعلم أنه لا يغفر لي أبدا فلم يبق في مكة أحد إلا [و] سمع حديثه وتقرب إلى الله تعالى بلعنته وكل يقول حسبك ما جنيت يا لعين " وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون " 5.