سراويله كما كنت أراها فدنوت منه وضربت بيدي إلى التكة لآخذها فإذا هو قد عقدها عقدا كثيرة فلم أزل أحلها حتى حللت عقدة منها.
فمد يده اليمنى وقبض على التكة فلم أقدر على أخذ يده عنها ولا أصل إليها فدعتني النفس الملعونة إلى أن أطلب شيئا أقطع به يديه فوجدت قطعة سيف مطروح فأخذتها وانتكبت 1 على يده ولم أزل أحزها 2 حتى فصلتها عن زنده ثم نحيتها عن التكة و مددت يدي إلى التكة لأحلها فمد يده اليسرى فقبض عليها فلم أقدر على أخذها فأخذت قطعة السيف ولم أزل أحزها حتى فصلتها عن التكة ومددت يدي إلى التكة لاخذها فإذا الأرض ترجف والسماء تهتز وإذا بغلبة عظيمة، وبكاء ونداء وقائل يقول: وا ابناه، وا مقتولاه، وا ذبيحاه، وا حسيناه، وا غريباه، يا بني قتلوك وما عرفوك ومن شرب الماء منعوك.
فلما رأيت ذلك صعقت 3 ورميت نفسي بين القتلى وإذا بثلاث نفر وامرأة وحولهم خلائق وقوف وقد امتلأت الأرض بصور الناس وأجنحة الملائكة وإذا بواحد منهم يقول: يا ابناه يا حسين، فداك جدك وأبوك وأمك وأخوك وإذا بالحسين عليه السلام قد جلس ورأسه على بدنه وهو يقول: لبيك يا جداه يا رسول الله، ويا أبتاه يا أمير المؤمنين! ويا أماه! يا فاطمة الزهراء، ويا أخاه المقتول بالسم، عليكم مني السلام، ثم إنه بكى وقال: يا جداه قتلوا - والله - رجالنا، يا جداه سلبوا - والله - نساءنا، يا جداه نهبوا - والله - رحالنا، يا جداه ذبحوا - والله - أطفالنا، يا جداه يعز والله عليك أن ترى حالنا، وما فعل الكفار بنا.
وإذا هم جلسوا يبكون حوله على ما أصابه وفاطمة تقول: يا أباه يا رسول الله أما ترى ما فعلت أمتك بولدي؟ أتأذن لي أن آخذ من دم شيبه واخضب به ناصيتي؟
وألقى الله عز وجل وأنا مختضبة بدم ولدي الحسين، فقال لها: خذي ونأخذ يا فاطمة فرأيتهم يأخذون من دم شيبه، وتمسح به فاطمة ناصيتها والنبي وعلي والحسن عليهم السلام يمسحون به نحورهم وصدورهم وأيديهم إلى المرافق وسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: