عرانا من فرح وترح، وكذا أظن أن لو شهدت ذلك بنفسك لاخترت أفضل الرأي والعمل، ولجانبت أسوء الفعل والخطل والآن فإن حاجتي إليك أن لا تسمعني فيه ما أكره، فإنه أخي وشقيقي وابن أبي، وإن زعمت أنه قد كان ظلمك وكان عدوا لك كما تقول.
قال: فقال له يزيد: إنك لن تسمع مني إلا خيرا ولكن هلم فبايعني واذكر ما عليك من الدين حتى أقضيه عنك، قال: فقال له محمد بن علي عليهما السلام: أما البيعة فقد بايعتك وأما ما ذكرت من أمر الدين فما علي من دين والحمد لله، وإني من الله تبارك وتعالى في كل نعمة سابغة لا أقوم بشكرها.
قال: فالتفت يزيد - لعنه الله - إلى ابنه خالد، فقال: يا بني إن ابن عمك هذا بعيد من الخب 1 واللؤم والدنس والكذب، ولو كان غيره كبعض من عرفت لقال علي من الدين كذا وكذا ليستغنم أخذ أموالنا.
قال: ثم أقبل عليه يزيد، فقال: بايعتني يا أبا القاسم؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: فإني قد أمرت لك بثلاث مائه ألف درهم فابعث من يقبضها 2، فإذا أردت الانصراف عنا وصلناك إن شاء الله، قال: فقال [له] محمد بن علي: لا حاجة لي في هذا المال ولا له جئت، قال يزيد: فلا عليك أن تقبضه وتفرقه فيمن أحببت من أهل بيتك، قال: فإني قد قبلت يا أمير المؤمنين قال: فأنزله في بعض منازله، وكان محمد بن علي يدخل عليه في كل يوم صباحا ومساء.
قال: وإذ وفد أهل المدينة قد قدموا على يزيد - لعنه الله - وفيهم منذر بن الزبير و عبد الله بن عمرو بن حفص بن مغيرة المخزومي و عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأنصاري فأقاموا عند يزيد - لعنه الله - أياما فأجازهم يزيد لكل رجل منهم بخمسين ألف درهم وأجاز المنذر بن الزبير بمائة ألف درهم، فلما أرادوا الانصراف إلى المدينة أقبل محمد بن علي حتى دخل على يزيد فاستأذنه في الانصراف معهم إلى المدينة فأذن له في ذلك ووصله بمائتي ألف درهم وأعطاه عروضا بمائة ألف درهم.