النبي صلى الله عليه وآله وبكوا معه جميعا، فدنا ملك الموت وقبض تسعا وأربعين، " فوثب علي " 1، فوثبت على رجلي وقلت: يا رسول الله الأمان الأمان، فوالله ما شايعت في قتله ولا رضيت، فقال: ويحك وأنت تنظر إلى ما يكون؟ فقلت: نعم، فقال: يا ملك الموت خل عن قبض روحه، فإنه لابد أن يموت يوما فتركني وخرجت إلى هذا الموضع تائبا [على ما كان مني] 2.
أقول في اللهوف وغيره: عن عبد الله بن رياح 3 القاضي قال: لقيت 4 رجلا مكفوفا قد شهد قتل الحسين عليه السلام، فسئل عن [ذهاب] بصره، فقل: (قد) كنت شهدت قتله عاشر عشرة غير أني لم أطعن برمح ولم أضرب بسيف ولم أرم بسهم، فلما قتل رجعت إلى منزلي وصليت العشاء الآخرة ونمت، فأتاني آت في منامي، فقال: أجب رسول الله صلى الله عليه وآله، [فإنه يدعوك] فقلت: مالي وله، فأخذ بتلبيبي 5 وجرني إليه، فإذا النبي صلى الله عليه وآله جالس في صحراء حاسر عن ذراعيه أخذ بحربة وملك قائم بين يديه وفي يده سيف من نار (و) يقتل 6 أصحابي التسعة، فكلما ضرب ضربة التهب (- ت) أنفسهم نارا فدنوت منه وجثوت بين يديه وقلت: السلام عليك يا رسول الله فلم يرد علي [السلام]، ومكث طويلا، ثم رفع رأسه وقال: يا عدو الله انتهكت حرمتي وقتلت عترتي ولم ترع حقي وفعلت 7 وفعلت، فقلت: يا رسول الله! ما ضربت بسيف، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم، فقال: صدقت ولكنك كثرت السواد، ادن مني! فدنوت منه، فإذا طست مملوء دما، فقال لي: هذا دم ولدي الحسين فكحلني من ذلك الدم فانتبهت حتى الساعة لا أبصر شيئا 8.
2 - مقاتل الطالبيين: قال المدائني: حدثني أبو غسان، عن هارون بن سعد، عن القاسم بن أصبغ بن نباتة، قال: رأيت رجلا من بني أبان بن دارم أسود الوجه وكنت أعرفه جميلا شديد البياض، فقلت له: ما كدت أعرفك، قال: إني قتلت