فقالت: والله ما لنا ما نصله به إلا أن نعطيه حلينا، فأخذت سواري ودملجي وسوار أختي ودملجها فبعثنا بها إليه واعتذرنا من قلتها، وقلنا: هذا بعض جزائك لحسن صحبتك إيانا، فقال: لو كان الذي صنعت [- ه] للدنيا كان في دون هذا رضاي، ولكن والله ما فعلته إلا لله وقرابتكم من رسول الله صلى الله عليه وآله 1.
ثم قال السيد: ولما رجعت نساء الحسين عليه السلام وعياله من الشام وبلغوا إلى العراق، قالوا للدليل: مر بنا على طريق كربلاء، فوصلوا إلى موضع المصرع، فوجدوا جابر ابن عبد الله الأنصاري - رحمة الله عليه - وجماعة من بني هاشم ورجالا 2 من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وقد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه السلام، فوافوا في وقت واحد، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد، و أقاموا على ذلك أياما.
فروي عن أبي حباب الكلبي قال: حدثنا الجصاصون، قالوا: كنا نخرج إلى الجبانة في الليل عند مقتل الحسين عليه السلام، فنسمع الجن ينوحون عليه فيقولون:
مسح الرسول جبينه * فله بريق في الخدود أبواه من عليا 3 قريش * وجده خير الجدود قال: ثم انفصلوا من كربلاء طالبين المدينة. قال بشير بن حذلم 4: فلما قربنا منها نزل علي بن الحسين عليهما السلام، فحط رحله، وضرب فسطاطه، وأنزل نساءه، و قال: يا بشير رحم الله أباك لقد كان شاعرا، فهل تقدر على شئ منه؟ قلت: بلى يا بن رسول الله إني لشاعر، قال: فادخل المدينة وانع أبا عبد الله، قال بشير: فركبت فرسي و ركضت حتى دخلت المدينة، فلما بلغت مسجد النبي صلى الله عليه وآله رفعت صوتي بالبكاء وأنشأت أقول:
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها * قتل الحسين فأدمعي مدرار الجسم منه بكربلاء مضرج * والرأس منه على القناة يدار