فقتله، والسهام تأخذه من كل ناحية وهو يتقيها بنحره وصدره ويقول: يا أمة السوء بئسما خلفتم محمدا في عترته، أما إنكم لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد الله فتهابوا قتله، بل يهون عليكم عند قتلكم إياي، وأيم الله إني لأرجو أن يكرمني ربي بالشهادة بهوانكم، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون.
قال: فصاح به الحصين بن مالك السكوني، فقال: يا بن فاطمة وبماذا ينتقم لك منا؟ قال: يلقي بأسكم بينكم ويسفك دماءكم ثم يصب عليكم العذاب الأليم.
ثم لم يزل يقاتل حتى أصابته جراحات عظيمة.
وقال صاحب المناقب والسيد: حتى أصابته اثنتان وسبعون جراحه 1.
وقال ابن شهرآشوب: قال أبو مخنف عن جعفر بن محمد بن علي عليهم السلام قال:
وجدنا بالحسين عليه السلام ثلاثا وثلاثين طعنة، وأربعا وثلاثين ضربة. وقال الباقر عليه السلام: أصيب الحسين عليه السلام ووجد به ثلاثمائة وبضعة وعشرون طعنة برمح، [أ] و ضربة بسيف، أو رمية بسهم، وروي: ثلاثمائة وستون جراحة، وقيل: ثلاث وثلاثون ضربة سوى السهام، وقيل: ألف وتسعمائة جراحة، وكانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ. وروي أنها كانت كلها في مقدمه 2.
قالوا: فوقف يستريح ساعة وقد ضعف عن القتال، فبينما هو واقف إذ أتاه حجر فوقع في جبهته، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن وجهه، فأتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب، فوقع السهم في صدره - وفي بعض الروايات: على قلبه - فقال الحسين عليه السلام: " بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله " ورفع رأسه إلى السماء وقال:
إلهي إنك تعلم أنهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض ابن نبي غيره، ثم أخذ السهم فأخرجه من قفاه، فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده على الجرح، فلما امتلأت رمى به إلى السماء فما رجع من ذلك الدم قطرة، وما عرفت الحمرة في السماء حتى رمى الحسين عليه السلام بدمه إلى السماء، ثم وضع يده ثانيا، فلما امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته، وقال: