عليه السلام قتالا شديدا وإنما هم اثنان وثلاثون فارسا، فلا يحملون على جانب من أهل الكوفة إلا كشفوهم، فدعا عمر بن سعد بالحصين بن نمير في خمسمائة من الرماة، فاقتتلوا 1 حتى دنوا من الحسين عليه السلام وأصحابه، فرشقوهم بالنبل فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم وقاتلوهم حتى انتصف النهار، واشتد القتال ولم يقدروا أن يأتوهم إلا من جانب واحد لاجتماع أبنيتهم وتقارب بعضها من بعض، فأرسل عمر بن سعد الرجال ليقوضوها عن أيمانهم و (عن) شمائلهم ليحيطوا بهم، وأخذ الثلاثة والأربعة من أصحاب الحسين عليه السلام يتخللون فيشدون على الرجل يعرض وينهب فيرمونه عن قريب فيصرعونه ويقتلونه.
فقال ابن سعد: احرقوها بالنار فأضرموا فيها، فقال الحسين عليه السلام: دعوهم يحرقوها فإنهم إذا فعلوا ذلك لم يجوزوا إليكم، فكان كما قال صلوات الله عليه.
وقيل: أتاه شبث بن ربعي وقال: أفزعنا النساء ثكلتك أمك، فاستحيا و أخذوا لا يقاتلونهم إلا من وجه واحد، وشد أصحاب زهير بن القين فقتلوا أبا عذرة الضبابي من أصحاب شمر، فلم يزل يقتل من أصحاب الحسين عليه السلام الواحد والاثنان فيبين ذلك فيهم لقلتهم ويقتل من أصحاب عمر العشرة فلا يبين ذلك فيهم لكثرتهم.
فلما رأى ذلك أبو ثمامة الصيداوي قال للحسين عليه السلام: يا أبا عبد الله نفسي لنفسك الفداء هؤلاء اقتربوا منك ولا والله لا تقتل حتى اقتل دونك وأحب أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة، فرفع الحسين رأسه إلى السماء وقال: ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين، نعم هذا أول وقتها، ثم قال: سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي، فقال الحصين بن نمير: إنها لا تقبل، فقال حبيب بن مظاهر: لا تقبل الصلاة زعمت من ابن رسول الله وتقبل منك يا ختار 2، فحمل عليه الحصين بن نمير وحمل عليه حبيب فضرب وجه فرسه بالسيف فشب به الفرس ووقع عنه الحصين فاحتوشته أصحابه فاستنقذوه، فقال الحسين عليه السلام لزهير بن القين وسعيد 3 بن عبد الله: تقدما أمامي حتى