وقال المفيد (ره): فلما كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص من الكوفة في أربعة آلاف فارس فنزل بنينوى، فبعث إلى الحسين عليه السلام عروة بن قيس الأحمسي وقال له: إئته فسله ما الذي جاء بك؟ وماذا تريد؟ وكان عروة ممن كتب إلى الحسين، فاستحيا منه أن يأتيه، فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه وكلهم أبى ذلك وكرهه.
فقام إليه كثير بن عبد الله الشعبي وكان فارسا شجاعا لا يرد وجهه شئ فقال له: أنا أذهب إليه، ووالله لئن شئت لأفتكن به فقال له عمر بن سعد: ما أريد أن تفتك به، ولكن إئته فاسأله ما الذي جاء به؟ فأقبل كثير إليه، فلما رآه أبو ثمامة الصيداوي قال للحسين عليه السلام: أصلحك الله يا أبا عبد الله! قد جاءك شر أهل الأرض وأجرأهم على دم (الناس) وأفتكهم 1، وقام إليه فقال له: ضع سيفك، قال: لا والله ولا كرامة إنما أنا رسول [ف] إن سمعتم كلامي 2 بلغتكم ما أرسلت (به) إليكم، وإن أبيتم انصرفت عنكم، قال: فإني آخذ بقائم سيفك ثم تكلم [بحاجتك]، قال: لا والله لا تمسه، فقال [له]: أخبرني بما جئت به وأنا ابلغه عنك ولا أدعك تدنو منه، فإنك فاجر، فاستبا وانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر.
فدعا عمر بن سعد قرة بن قيس الحنظلي فقال له: ويحك [يا قرة] إلق حسينا فسله ما جاء به وماذا يريد؟ فأتاه قرة، فلما رآه الحسين عليه السلام مقبلا قال: أتعرفون هذا؟ فقال [له] حبيب بن مظاهر: [نعم] هذا رجل من حنظلة تميم، وهو ابن أختنا و قد كنت أعرفه بحسن الرأي، وما كنت أراه يشهد هذا المشهد، فجاء حتى سلم على الحسين عليه السلام وأبلغه رسالة عمر بن سعد إليه، فقال له الحسين عليه السلام: كتب إلي أهل مصركم هذا أن أقدم، فاما إذا كرهتموني فأنا أنصرف عنكم، فقال 3 حبيب بن مظاهر: ويحك يا قرة أين تذهب 4؟ إلى القوم الظالمين؟ انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيدك الله بالكرامة، [ف] قال له قرة: أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي،