ثم أقبل على محمد بن الأشعث، فقال: يا عبد الله، إني أراك والله ستعجز عن أماني، فهل عندك خير تستطيع أن تبعث من عندك رجلا على لساني أن يبلغ حسينا فإني لا أراه إلا وقد خرج اليوم أو خارج غدا وأهل بيته، ويقول له: إن ابن عقيل بعثني إليك وهو أسير في يد 1 القوم، لا يرى أنه يمسي حتى يقتل، وهو يقول لك: ارجع فداك أبي وأمي بأهل بيتك ولا يغررك 2 أهل الكوفة، فإنهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل، إن أهل الكوفة قد كذبوك وليس لمكذوب 3 رأي، فقال ابن الأشعث: والله لأفعلن ولأعلمن ابن زياد أني قد أمنتك 4.
وقال محمد بن شهرآشوب: أنفذ عبيد الله عمرو بن حريث المخزومي ومحمد ابن الأشعث في سبعين رجلا حتى أطافوا بالدار فحمل مسلم عليهم، وهو يقول:
هو الموت فاصنع ويك 5 ما أنت صانع * فأنت لكأس الموت لا شك جارع فصبرا لأمر الله جل جلاله * فحكم قضاء الله في الخلق ذائع فقتل منهم واحدا 6 وأربعين رجلا 7.
وقال محمد بن أبي طالب: لما قتل مسلم منهم جماعة كثيرة، وبلغ ذلك ابن زياد، (ف) أرسل إلى محمد بن الأشعث يقول: بعثناك إلى رجل واحد لتأتينا به، فثلم في أصحابك ثلمة عظيمة، فكيف إذا أرسلناك إلى غيره، فأرسل ابن الأشعث:
أيها الأمير، أتظن أنك بعثتني إلى بقال من بقالي الكوفة، أو إلى جرمقاني من جرامقة الحيرة! أو لم تعلم أيها الأمير أنك بعثتني إلى أسد ضرغام، وسيف حسام، في كف بطل همام، من آل خير الأنام، فأرسل إليه ابن زياد أن أعطه الأمان فإنك لا تقدر عليه إلا به 8.
أقول: روي في بعض كتب المناقب: عن علي بن أحمد العاصمي، عن