ثم قال المفيد " ره ": وروي عن الفرزدق أنه قال: حججت بأمي في سنة ستين، فبينما 1 أنا أسوق بعيرها حتى 2 دخلت الحرم إذ لقيت الحسين عليه السلام خارجا من مكة، معه 3 أسيافه و [أ] تراسه، فقلت: لمن هذا القطار؟ فقيل: للحسين بن علي عليهما السلام، فأتيته وسلمت عليه، وقلت له: أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله، ما أعجلك عن الحج؟ قال: لو لم أعجل لاخذت، ثم قال لي:
من أنت؟ قلت: رجل 4 من العرب ولا والله ما فتشني عن أكثر من ذلك.
ثم قال لي: أخبرني عن الناس خلفك؟ فقلت: الخبير سألت قلوب الناس معك وأسيافهم عليك، والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء، فقال: صدقت، لله الامر من قبل ومن بعد وكل يوم (ربنا) هو في شأن، إن نزل 5 القضاء بما نحب [و نرضى] فنحمد الله عليه نعمائه وهو المستعان على إداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته والتقوى سيرته 6، فقلت له: أجل بلغك الله ما تحب، وكفاك ما تحذر، وسألته عن أشياء من نذور ومناسك فأخبرني بها، وحرك راحلته وقال: السلام عليك، ثم افترقنا.
وكان الحسين بن علي عليهما السلام لما خرج من مكة اعترضه يحيى بن سعيد بن العاص، ومعه جماعة أرسلهم إليه عمرو بن سعيد، فقالوا له: انصرف [إلى] أين تذهب؟ فأبى عليهم ومضى، وتدافع الفريقان واضطربوا بالسياط، فامتنع الحسين عليه السلام وأصحابه منهم امتناعا قويا وسار حتى أتى التنعيم 7، فلقي عيرا قد أقبلت من اليمن، فاستأجر من أهلها جمالا لرحله وأصحابه، وقال لأصحابها: من أحب أن ينطلق معنا إلى العراق وفيناه كراه وأحسنا صحبته، ومن أحب أن يفارقنا في بعض الطريق