أما بعد: فالحمد لله الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقه، وكفاه مؤنة عدوه، أخبر أمير المؤمنين أن مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة المرادي، وإني جعلت عليهما المراصد والعيون، ودسست إليهما الرجال وكدتهما حتى أخرجتهما 1 وأمكن الله منهما فقدمتهما 2 وضربت أعناقهما، وقد بعثت إليك برأسيهما مع هانئ بن أبي حية الوادعي والزبير بن الا روح التميمي وهما من أهل السمع والطاعة والنصيحة، فليسألهما أمير المؤمنين عما أحب من أمرهما فإن عندهما علما وورعا وصدقا، والسلام.
فكتب إليه يزيد: أما بعد فإنك لم تعد أن كنت كما أحب عملت عمل الحازم، وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش، وقد أغنيت وكفيت وصدقت ظني بك ورأيي فيك، وقد دعوت رسوليك، وسألتهما وناجيتهما، فوجدتهما في رأيهما وفضلهما كما ذكرت، فاستوص بهما خيرا، وإنه قد بلغني أن حسينا قد توجه نحو 3 العراق، فضع المناظر والمسالح، واحترس واحبس على الظنة، واقتل على التهمة، واكتب إلي في كل يوم ما يحدث من خبر 4 إن شاء الله تعالى. 5 وقال ابن نما: كتب يزيد إلى ابن زياد: قد بلغني أن حسينا قد سار إلى الكوفة، وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلدان، وابتليت به من بين العمال، وعندها تعتق أو تعود عبدا كما تعبد العبيد 6.
توضيح: قوله: " ويح غيرك "، قال: هذا تعظيما له، أي لا أقول لك ويحك بل أقول لغيرك، و " السلام " بالكسر الحجر، ذكره الجوهري، وقال: نبا بفلان منزله إذا لم يوافقه، وقال: " الشعفة " بالتحريك رأس الجبل، والجمع شعف وشعوف وشعاف و شعفات وهي رؤوس الجبال.
قوله: " من تخلف لم يبلغ مبلغ الفتح " أي لا يتيسر له فتح وفلاح في الدنيا أو في الآخرة أو الأعم، وهذا [إما] تعليل بأن ابن الحنفية أنما لم يلحق لأنه علم أنه يقتل