معروفة تذكر أرض كرب وبلاء، كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس.
ثم قال لي: يا بن عباس اطلب في حولها بعر الظباء فوالله ما كذبت ولا كذبت وهي مصفرة، لونها لون الزعفران، قال ابن عباس: فطلبتها فوجدتها مجتمعة فناديته يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي، فقال علي عليه السلام: صدق الله ورسوله.
ثم قام يهرول إليها فحملها وشمها، وقال: هي هي بعينها، أتعلم يا بن عباس ما هذه الأبعار؟ هذه قد شمها عيسى بن مريم عليه السلام، وذلك إنه مر بها ومعه الحواريون فرأى ههنا الظباء مجتمعة وهي تبكي، فجلس عيسى عليه السلام وجلس الحواريون معه فبكى و بكى الحواريون، وهو لا يدرون لم جلس ولم بكى.
فقالوا: يا روح 1 الله وكلمته ما يبكيك؟ قال: أتعلمون أي أرض هذه؟ قالوا: لا.
قال: هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد صلى الله عليه وآله وفرخ الحرة الطاهرة البتول، شبيهة أمي ويلحد فيها طينة أطيب من المسك لأنها طينة الفرخ المستشهد، وهكذا يكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء، فهذه الظباء تكلمني وتقول: إنها ترعى في هذه العرض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك وزعمت أنها آمنة في هذه الأرض.
ثم ضرب بيده إلى هذه الصيران 2 فشمها وقال: هذه بعر الظباء على هذه الطيب لمكان حشيشها، اللهم فابقها أبدا حتى يشمها أبوه فيكون له عزاء وسلوة، قال: فبقيت إلى يوم الناس هذا وقد اصفرت لطول زمنها وهذه أرض كرب وبلاء، ثم قال بأعلى صوته: يا رب عيسى بن مريم لا تبارك في قتلته، والمعين عليه، والخاذل له.
ثم بكى بكاء طويلا وبكينا معه، حتى سقط لوجهه وغشي عليه طويلا، ثم أفاق فأخذ البعر فصره في ردائه وأمرني أن أصرها كذلك، ثم قال: يا بن عباس إذا رأيتها تنفجر دما عبيطا ويسيل منها دم عبيط، فاعلم إن أبا عبد الله قد قتل بها ودفن.
قال ابن عباس: فوالله لقد كنت أحفظها أشد من حفظي لبعض ما افترض الله