والمحراب المتروك الذي كان في وسط الحايط القبلي كان متصلا وواصلا إليه وظهر أيضا باب كبير قريب منه واصلا إليه، وكانت عند الحايط القبلي من أوله إلى آخره أسطوانات وصفات، وبنى الوزير الأمجد عمارته عليها، وعند ذلك المحراب كانت صفة كبيرة قدر صفتين من أطرافها لم يكن بينها اثر أسطوانة، و لما صار هذا المحراب الكبير عتيقا كثيفا أمر الوزير بقلع وجهه ليبيضوه فقلعوا فإذا تحت الكثافة المقلوعة أنه بيضوه ثلاث مرات وحمروه كذلك، وفي كل مرتبة بياض وحمرة أمالوه إلى اليسار فتحير الأمير في ذلك فاحضرني وأرانيه، وكان معه جمع كثير من العلماء والعقلاء الأخيار وكانوا متحيرين متفكرين في الوجه، فخطر ببالي أن ذلك المحراب كان محراب أمير المؤمنين عليه السلام وكان يصلي إليه لوصوله إلى الفرش الأصلي، ولوقوعه في صفة كبيرة يجمع فيها العلماء و الأخيار خلف الإمام عليه السلام، وكذلك كان ذلك الباب بابه عليه السلام الذ؟ يجئ من البيت إلى المسجد منه لاتصاله بالفرش، ولما كان الجدار قديما وكان ذلك المحراب فيه ولم يكن موافقا للجهة شرعا تياسر عليه السلام، وبعده المسلمون حرفوا وأمالوا البياض والحمرة إلى التياسر ليعلم الناس أنه عليه السلام تياسر فيه و حمروه ليعلموا أنه عليه السلام قتل عنده، وكان تكرار البياض والحمرة لتكرار الاندراس والكثافة، ولما خرب المسجد واندرست الأسطوانات والصفات واختفى الفرش الأصلي وحدث فرش آخر أحدث بعض الناس ذلك المحراب الصغير وفتح بابا صغيرا قريبا منه على السطح الجديد واشتهرا بمحرابه وبابه عليه السلام، وعرضت على الوزير والحضار فكلهم صدقوني وقبلوا مني وصلوا الصلاة المقررة المعهودة عند محرابه عليه السلام عنده وقرأوا الدعاء المشهور قراءته بعد الصلاة عنده وتياسروا في الصلاة على ما رأوا في المحراب، وأمر الوزير بزينته زائدا على زينة سائر المحاريب وتساهل المعمار فيها، فحدث ما حدث في العراق وبقي على ما كان عليه كساير المحاريب، والسلام على من اتبع الهدى، انتهى كلامه رفع الله مقامه.
(٤٣٢)