بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٦ - الصفحة ١٧٢
ومستند المشهور غير معلوم (1) واستند أبو الصلاح إلى هذه الأخبار الدالة
(١) مستند المشهور فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسنته التي سنها، فإنه صلى الله عليه وآله كان يصلى يوم الجمعة حين الزوال - مطلقا: سواء صلى صلاة الجمعة أو صلى في السفر ركعتين - وذلك لما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما جعل القدم والقدمين وبعبارة أخرى المثل والمثلين لمكان النافلة.
وأما يوم الجمعة فلما جعله يوم عيد وفراغ واجتماع من أول يوم ورد المدينة، صارت النوافل بزيادة أربع ركعات قبل الزوال لمكان الفراغ، وصار الميقات الأول المقدر للنوافل في سائر الأيام (وهو من أول الزوال إلى أن يصير الظل مثله) مختصا بصلاة الجمعة يقدم أولا فأولا، صار الميقات الثاني المقدر لصلاة الظهر في سائر الأيام (وهو من أول المثل إلى أن يصير الفئ مثليه) لصلاة العصر يقدم أولا فأولا، وبقى الميقات الثالث المقدر لصلاة العصر في ساير الأيام فارغا لا صلاة فيها.
فعلى هذا، أما إذا كان الامام في سفر أو مطر أو يخاف من خطر أو لم يجتمع العدد، ولم يرتفع العذر الا بعد ما صار ظل كل شئ مثله فقد خرج وقت صلاة الجمعة وحان وقت صلاة الظهر على حدها في سائر الأيام، وكان النداء غير جامعة، يصلى بهم الامام أربع ركعات ثم يصلى بهم العصر عندما يصير الظل مثليه.
كل ذلك بناء على ما مر في باب أوقات الصلوات أن بالزوال يحين وقت الصلاتين جميعا الا أن هذه قبل هذه، وإنما سن رسول الله المثل والمثلين لمصلحة رآها، فحصل بذلك مواقيت ثلاثة في الحضر، واما في السفر، فلما كانت النافلة ساقطة عن المسافر، كان عليه أن يصلىصلاة الظهر أول الزوال الا لعذر ثم يصلىالعصر يجمع بينهما الا لعذر أيضا، كما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله، ورود بذلك أحاديث أهل البيت عليهم الصلوات والسلام.
ولذلك نفسه صلى رسول الله صلى الله عليه وآلهصلاة ظهره حين قدم المدينة أول الزوال ولما كان أول يوم غلب على عرش الحكومة وظهر له البسطة في اليد، قدم لصلاته خطبة واتخذ ذلك اليوم يوم ذكرى هجرته صلى الله عليه وآله ويوم عيد يجتمع فيه المسلمون يتباشرون بتأسيس دولتهم، فسماه يوم جمعة، واتخذ الخطبة قبل الصلاة سنة لصلاة الجمعة وشعارا لرئيس دولتهم ووليهم يحيى بها ذكر الله عز وجل وذكر رسوله صلى الله عليه وآله، إلى أن نزلت سورة الجمعة وفرض هذا العيد بصلاته على ما عرفت في صدر الباب.