" قد نرى تقلب وجهك في السماء " قيل أي تردد وجهك في جهة السماء تطلعا للوحي، روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى مدة مقامه بمكة إلى بيت المقدس ثلاث عشر سنة، وبعد مهاجرته إلى المدينة سبعة أشهر، على ما رواه علي بن إبراهيم (1) وذكره جماعة، وقال الصدوق - رحمه الله - تسعة عشر شهرا كما سيأتي والمشهور بين العامة ست عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، فقالت اليهود تعييرا إن محمدا تابع لنا يصلي إلى قبلتنا، فاغتم لذلك رسول الله وأنه كان قد استشعر أنه سيحول إلى الكعبة، أو كان وعد ذلك كما قيل، أو كان يحبه ويترقبه، لأنها أقدم القبلتين، وقبلة أبيه إبراهيم، وأدعى للعرب إلى الاسلام، لأنها مفخرهم ومزارهم ومطافهم، فاشتد شوقه إلى ذلك مخالفة على اليهود، وتمييزا منهم، وخرج في جوف الليل ينظر إلى آفاق السماء منتظرا في ذلك من الله أمرا.
وروي أنه صلى الله عليه وآله قال لجبرئيل عليه السلام: وددت أن يحولني الله إلى الكعبة، فقال جبرئيل عليه السلام إنما أنا عبد مثلك، وأنت كريم على ربك فاسئل فإنك عند الله بمكان، فعرج جبرئيل، وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يديم النظر إلى السماء رجاء أن ينزل جبرئيل بما يحب من أمر القبلة، فلما أصبح وحضر وقت الصلاة الظهر، وقد صلى منها ركعتين نزل جبرئيل فأخذ بعضديه وحوله إلى الكعبة وأنزل عليه " قد نرى " الآية فصلى الركعتين الأخيرتين إلى الكعبة (2).