بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨١ - الصفحة ٤٠
وقيل " قد " هنا على أصله من التوقع والتحقيق، من غير اعتبار تقليل، ولا تكثير وقيل هنا للتكثير، وقيل: للتقليل لقلة وقوع المرئى من تقلب وجهه عليه السلام والرؤية منه تعالى علمه سبحانه بالمرئى وليس بآلة كما في حقنا.
" فلنولينك قبلة " فلنعطينك ولنمكننك من استقبالها، من قولك وليته كذا إذا جعلته واليا له، أو فليجعلنك تلي سمتها " ترضيها " تحبها وتميل إليها لأغراضك الصحيحة، فلا يستلزم ذلك سخط بيت المقدس، ولا سخط التوجه إليه.
والشطر النحو والجهة، والمراد بالمسجد الحرام (1) إما الكعبة كما هو المشهور.

(1) المراد بالمسجد الحرام كل الحرم، فان الأرض إنما يكون مسجدا باتخاذه مسجدا وتأسيسه كذلك، كما قال عز وجل " لنتخذن عليهم مسجدا " الكهف: 21، وقوله تعالى " والذين اتخذوا مسجدا " براءة: 107، وقوله تعالى: " لمسجد أسس على التقوى من أول يوم " براءة: 108، ولما اتخذ إبراهيم خليل الله تمام الحرم مسجدا، ولم يمكنه تأسيس المسجد وبناء الحيطان لها واسعا، أمره الله عز وجل أن يرفع قواعد البيت علامة فلمع من جوانبها الأربع شعاع نور أضاء به كل الحرم ولذلك جعل النبي صلى الله عليه وآله للحرم أعلاما يعرف به جوانبها الأربع حذاء قواعد البيت، ولم يجعل لفضاء المسجد الذي كان يطوف الناس فيها ويصلون حصارا، لعدم حصر المسجد في تلك الأفناء.
وأول من أحاط المسجد الحرام بالحائط وجعله محصورا عمر بن الخطاب جهالة منه ومن مشاوريه أن ساكني الحرم ضيف للمسجد اعتكفوا فيه. بمضاربهم أولا ثم بأبنيتهم ثانيا ليتولوا حجابة البيت وسقايته ورفادته تبعا لقصي بن كلاب ولذلك جوز الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام تخريب بنيانهم حول الكعبة توسعة للمسجد، ولذلك لم يجز لأهل مكة أن يجعلوا لأبواب دورهم مصراعا يمنع الدخول إلى فضاء بيتهم غير المسقف، وأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن لا يأخذ أهل مكة من ساكن أجرا لقوله تعالى " والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد " الحج: 25.
كل ذلك منصوص في الروايات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام بمعاضدة من ظواهر الآيات الكريمة ونصوصها على ما سيجئ بيانها ذيل الروايات المستخرجة في هذا الباب انشاء الله تعالى.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست