يؤتون الزكاة وهم راكعون (1).
تفسير: قد مر في كتاب الطهارة أن في الآية وجهين أحدهما المنع عن قرب الصلاة والدخول فيها حال السكر من خمر ونحوها أو من النوم كما مر في بعض الروايات وذكره بعض المفسرين، أو الأعم كما هو ظاهر القاضي، وفي الكافي (2) ومنه سكر النوم وهو يفيد التعميم، وفي مجمع البيان (3) عن الكاظم عليه السلام أن المراد به سكر الشراب ثم نسختها آية تحريم الخمر كما روت العامة أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا لجماعة من الصحابة قبل نزول تحريم الخمر، فأكلوا وشربوا فلما ثملوا دخل وقت المغرب، فقدموا أحدهم ليصلي بهم فقرأ " أعبد ما تعبدون و أنتم عابدون ما أعبد " فنزلت الآية فكانوا لا يشربون الخمر في أوقات الصلاة، فإذا صلوا العشاء شربوا فلا يصبحون إلا وقد ذهب عنهم السكر وسيأتي عن العياشي تفسيره بسكر الخمر، وقد مر تأويله بسكر النوم، والجمع بالتعميم أولى.
وربما يجمع بينهما بأنه لما كانت الحكمة يقتضي تحريم الخمر متدرجا و كان قوم من المسلمين يصلون سكارى منها قبل استقرار تحريمها، نزلت هذه الآية و خوطبوا بمثل هذا الخطاب، ثم لما ثبت تحريمها واستقر وصاروا ممن لا ينبغي أن يخاطبوا بمثله - لان المؤمنين لا يسكرون من الشراب بعد أن حرم عليهم - جاز أن يقال: الآية منسوخة بتحريم الخمر، بمعنى عدم حسن خطابهم بمثله بعد ذلك، لا بمعنى جواز الصلاة مع السكر، ثم لما عم الحكم ساير ما يمنع من حضور القلب جاز أن يفسر بسكر النوم ونحوه تارة وأن يعمم الحكم أخرى، فلا تنافي بين الروايات.