بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨١ - الصفحة ١٩٤
على ظاهر إبهامي الرجلين وهو غير بعيد، عملا باطلاق الاخبار، وذكر ابن إدريس طرفي الابهامين، وفي المبسوط: إن وضع بعض أصابع رجليه أجزأ، وابن زهرة:
يسجد على أطراف القدمين، وأبو الصلاح: أطراف أصابع الرجلين، واستوجه الشهيد تعين الابهامين وهو ظاهر الأكثر، قال: نعم لو تعذر السجود عليهما لعدمهما أو قصرهما أجزأ على بقية الأصابع وهو قوي.
وقالوا: يجب الاعتماد على مواضع الأعضاء بالقاء ثقلها عليها، فلو تحامل عنها لم يجز، ولعل ذلك هو المتبادر من السجود على الأعضاء، والجمع في الأنامل (1) لعله على التجوز أو أنه عليه السلام وضع الابهامين على الأرض، ولكل منهما أنملتان فتصير أربعا، كذا ذكره الوالد قدس سره، والأول أظهر، إذ في الأخير أيضا مع مخالفته للمشهور وساير الاخبار لابد من تجوز إذ إطلاق الأنملة على العقد الأسفل مجاز، قال الفيروزآبادي: الأنملة بتثليث الميم والهمزة تسع لغات: التي فيها الظفر انتهى.
" فهذه السبعة فرض " أي واجب أو ثبت وجوبها من القرآن " ووضع الانف على الأرض سنة " أي مستحب كما هو المشهور أو ثبت وجوبه من السنة (2) والظاهر

(١) والجمع في الأنامل لان الامام يكون خلقته على أحسن خلقة، والخلق الحسن في أنامل الرجل هو تساوى الابهام والذي يليه ومن كان هذا خلقه، إنما يعتمد في سجدته على أربع أنامل في كل رجل أنملتان.
(٢) قوله عليه السلام " فهذه السبعة فرض " معناه أن وقوعها على الأرض ثابت بظاهر القرآن الكريم - كما هو شأن سائر الفرائض - وإنما كان كذلك. فان السجدة هو الوقوع على الأرض عبادة للخالق، ويسمى بالفارسية (به خاك افتادن) لقوله تعالى: " أو لم يروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون " النحل:
48، وقوله عز وجل، " ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال " الرعد: 15، وغير ذلك. لكن ظل الشجر والحجر والجبال وغير ذلك يقع على الأرض دفعة واحدة كخرور السقف والعمود وأمثال ذلك، وأما الانسان وهو حي ذو مفاصل لا يمكنه أن يقع على الأرض سالما الاعلى الهيئة المعتادة كما قال (ع) " ان ابن آدم يسجد على سبعة أعظم " يعنى طبيعة السجدة بمراعاة خلقة الانسان وفطرته، فإذا سجد الانسان بمعنى أنه وقع على الأرض يكون جبهته وكفاه وركبتاه ورؤس أصابع رجليه واقعة على الأرض.
واما وقوع الذقن بدل الجبهة كما في قوله عز وجل: " ان الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا " إلى قوله عز وجل: " ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا " أسرى 107 - 109، فهو وصف لسجدة النصارى فإنهم لم يتنبهوا أن ابن آدم إنما يسجد على سبعة أعظم فطرة وطبعا، بل وقعوا على الأرض منبطحين على وجوههم كما يقع العمود ولما لم يمكنهم الذكر والتوجه إلى قبلتهم بهذا الحال رفعوا رؤسهم وجعلوا أذقانهم على الأرض، فلا تغفل.
ويتفرع على ذلك: أن الأحسن والأليق بحال المتعبد الساجد أن يخر إلى الأرض باستقبال الأرض بباطن كفيه ثم ايقاع ركبتيه على الأرض من دون تمالك بحيث يسمع لوقع الأعضاء عند وقوعها على الأرض صوت، كما يسمع عند خرور السقف والعمود والحائط، ثم بعد تمالك البدن على أربعة أعظم بل ستة، يضع جبهته على الأرض ويسوى رؤس أصابع رجليه سويا كما مر شرحه.
ولذلك مدح الله عز وجل السجود كذلك ورغب المؤمنين إليه بقوله عز من قائل " و رفع أبويه على العرش وخروا له سجدا ": يوسف: 100 " إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون " السجدة: 15 (وهي آية السجدة).
والأحسن أن يكون ذاك الخرور بصورة الركوع كما قال عز وجل في مدح داود:
" وخر راكعا وأناب " ص: 24 يعنى أنه خر إلى الأرض ساجدا بحالة الركوع لا بحالة القعود ووضع الركبتين قبل اليدين، على ما هو دأب الأكثرين.
وأما قوله عليه السلام " ووضع الانف على الأرض سنة " أي سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وآله من دون أن يكون ذلك داخلا في حقيقة السجدة، كما قال نفسه صلى الله عليه وآله: " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم " وإنما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله لان بأنفه - روحنا وأرواح العالمين له الفداء - كان قنى، والقنا: أن يكون في عظم الانف احديداب في وسطه، والانف إذا كان كذلك يقع على الأرض حين السجود طبعا وقهرا، الا أن يسجد على مرتفع كاللوح المعمول في هذا العصر، لكنه صلى الله عليه وآله كان يسجد على الأرض والخمرة، فيقع عرنين انفه على الأرض سنة دائمة.
ولما كانت السنة هذه في فريضة يجب الاخذ بها في حال الاختيار والامكان، بحيث لو تركه المصلى كان راغبا عن سنته، ومن رغب عن سنته فليس منه في شئ، وأما إذا كان في حال الاضطرار أو كان بأنفه خنسا فلا عليه.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 تتمة باب فضل المساجد وأحكامها وآدابها 1
3 في قول رسول الله (ص): من أدمن إلى المسجد أصاب الخصال الثمانية 3
4 في الوقف على المسجد 7
5 تتميم في كراهة الخذف بالحصا في المسجد، وكشف السرة والفخذ 17
6 * الباب التاسع * صلاة التحية والدعاء عند الخروج إلى الصلاة، وعند دخول المسجد، وعند الخروج منه 19
7 الدعاء عند الخروج من البيت إلى المسجد 20
8 الدعاء عند الخروج من المسجد 22
9 * الباب العاشر * القبلة وأحكامها، وفيه: آيات، وأحاديث 28
10 معنى قوله عز اسمه: " فأينما تولوا فثم وجه الله " في ذيل الصفحة 28(ه‍)
11 سبب نزول قوله عز وجل " ولله المشرق والمغرب " 31
12 معنى قوله تعالى: " وما جعلنا القبلة التي كنت عليها " وفي الذيل ما يناسب 35
13 بحث حول وجوب الاستقبال في الفريضة فقط دون النافلة 48
14 في معنى القبلة وفيما يجب استقباله 51
15 في قبلة مسجد الكوفة ومسجد النبي صلى الله عليه وآله 54
16 في الالتفات إلى أحد الجانبين 58
17 فيمن صلى وظن أنه على القبلة ثم تبين خطأوه، والأقوال فيه 63
18 فيمن فقد العلم بالقبلة، والأقوال فيه 65
19 في تحويل القبلة 71
20 رسالة: إزاحة العلة - في معرفة القبلة، للشيخ أبي الفضل شاذان بن جبرئيل 74
21 في ذكر وجوب التوجه إلى القبلة وأقسام القبلة وأحكامها 74
22 تحويل القبلة ومن كان في جوفها أو فوقها، وحكم البلاد 76
23 القبلة في: مالطة وشمشاط والشام وعسفان وتبوك والسوس 78
24 القبلة في: بلاد الحبشة وبلاد مصر والصين واليمن والهند وكابل والأهواز... 80
25 القبلة في حال الخوف وعلى الراحلة والسفينة والمسابقة 85
26 فيما قاله العلامة المجلسي (ره) وإيانا في الرسالة وبيانه في انحراف البلاد... 86
27 * الباب الحادي عشر * وجوب الاستقرار في الصلاة، والصلاة الراحلة والمحمل والسفينة والرف... 90
28 الاستدلال بوجوب الاستقرار في الصلاة من الآية الكريمة في الذيل 90
29 الصلاة في الرف والأرجوحة والسفينة 94
30 * الباب الثاني عشر * في صلاة الموتحل والغريق، ومن لا يجد الأرض للثلج، وفيه: حديثان 101
31 الأقوال في سجدة من يصلي في الثلج أو الماء أو الطين 101
32 * الباب الثالث عشر * الأذان والإقامة وفضلهما وتفسيرهما وأحكامهما وشرائطها... 103
33 معنى قوله عز وجل: " وإذا ناديتم إلى الصلاة " 103
34 ثواب المؤذن، وأذان جبرئيل 106
35 الأقوال في الأذان والإقامة 108
36 الأقوال في: أشهد أن عليا ولي الله 111
37 القول في: الصلاة خير من النوم 118
38 في بدو الاذان 121
39 معنى الاذان 131
40 علة الاذان وفصوله بكيفيته المشهورة، وفيه توضيح 143
41 فيمن نسي أو سهى الاذان والأقوال فيه 165
42 * الباب الرابع عشر * حكاية الاذان والدعاء بعده 173
43 الدعاء بين الأذان والإقامة في جميع الصلوات 177
44 في استحباب الجلوس بين أذان المغرب وإقامته والدعاء بعده 181
45 * الباب الخامس عشر * وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها وجمل أحكامها وواجباتها وسننها 185
46 قصة حماد الذي صلى عند مولانا الصادق عليه السلام وكيفية الصلاة التي صلاها... 185
47 النهي عن قول: آمين، بعد الحمد 201
48 آداب الصلاة والأدعية التي كانت بينها من البدو إلى الختم 206
49 * الباب السادس عشر * آداب الصلاة، وفيه: آيات، و: أحاديث 226
50 قصة أبي ذر الغفاري ومقامه وصلاته وأغنامه 231
51 للمصلي ثلاث خصال 243
52 قصة مولانا السجاد (ع) وهو يصلي وسقوط مولانا الباقر عليه السلام في قعر البئر 245
53 معنى الصلاة في الحقيقة 246
54 في تأويل افعال الصلاة 254
55 * الباب السابع عشر * ما يجوز فعله في الصلاة وما لا يجوز وما يقطعها وما لا يقطعها... 268
56 معنى قوله عز وجل: " لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى "... 268(ه‍)
57 معنى قوله تعالى: " وإذا حييتم بتحية "... 272
58 في الحدث الواقع في أثناء الصلاة والقهقهة والنوم 282
59 الفعل الكثير، والأقوال فيه 288
60 فيمن لا يسلم عليه 309
61 في مبطلات الصلاة 310
62 * الباب الثامن عشر * من لا تقبل صلاته وبيان بعض ما نهى عنه في الصلاة 315
63 في أن من شرب الخمر لم يحتسب صلاته أربعين صباحا، والأقوال فيه، وما قاله 315
64 * الباب التاسع عشر * النهى عن التكفير 325
65 في قول علي (ع): لا يجمع المسلم يديه في صلاته وهو قائم بين يدي الله عز وجل... 325
66 * الباب العشرون * ما يستحب قبل الصلاة من الآداب 329
67 في قول الصادق (ع): لا يخلو المؤمن من خمس: مشط وسواك وخاتم عقيق... 329
68 * الباب الحادي والعشرون * القيام والاستقلال فيه وغيره من أحكامه وآدابه وكيفية صلاة المريض... 331
69 معنى قوله تعالى: " وقوموا لله قانتين " والاستدلال بوجوب القيام 331
70 في العجز عن القيام 335
71 * الباب الثاني والعشرون * آداب القيام إلى الصلاة والأدعية عنده والنية والتكبيرات الافتتاحية... 344
72 القول في وجوب رفع اليدين في جميع التكبيرات في الصلاة 352
73 علة التكبير وذكر الركوع والسجود 355
74 الدعاء عند الصلاة 365
75 عدد التكبيرات في الصلاة 381