معا، وجعل التغميض أفضل، والمحقق عمل بخبر حماد، والشهيد في الذكرى، جمع بين الخبرين بأن الناظر إلى ما بين قدميه يقرب صورته من صورة المغمض، وليس ببعيد إن قلنا إنه عليه السلام اكتفى بالفعل ولم يبين بالقول، والقول بالتخيير أظهر.
" فقال سبحان ربي العظيم وبحمده " إي أنزه ربي عما لا يليق بعز جلاله تنزيها، وأنا متلبس بحمده على ما وفقني له من تنزيهه وعبادته، كأنه لما أسند التسبيح إلى نفسه خاف أن يكون في هذا الاسناد نوع تبجح بأنه مصدر لهذا الفعل فتدارك ذلك بقوله وأنا متلبس بحمده، على أن صيرني أهلا لتسبيحه، وقابلا لعبادته.
فسبحان مصدر بمعنى التنزيه كغفران، ولا يكاد يستعمل إلا مضافا منصوبا بفعل مضمر، كمعاذ الله، وهو هنا مضاف إلى المفعول، وربما جوز كونه مضافا إلى الفاعل بمعنى التنزه، والواو في " وبحمده " للحالية، وربما جعلت عاطفة (1) وقيل: زائدة والباء للمصاحبة والحمد مضاف إلى المفعول، ومتعلق الجار عامل المصدر أي سبحت الله حامدا، والمعنى نزهته عما لا يليق به وأثبت له ما يليق به، ويحتمل كونها للاستعانة والحمد مضاف إلى الفاعل أي سبحته بما حمد به نفسه إذ ليس كل تنزيه محمودا وقيل: الواو عاطفة ومتعلق الجار محذوف أي وبحمده سبحته لا بحولي وقوتي، فيكون مما أقيم فيه المسبب مقام السبب، ويحتمل تعلق الجار بعامل المصدر على هذا التقدير أيضا ويكون المعطوف عليه محذوفا يشعر به العظيم، وحاصله أنزه تنزيها ربي العظيم بصفات عظمته وبحمده، والعظيم في صفاته تعالى من يقصر عنه كل شئ سواه، أو من اجتمعت له صفات الكمال، أو من انتفت عنه صفات النقص.
" قال سمع الله لمن حمده " أي استجاب لكل من حمده، وعدي باللام لتضمينه معنى الاستجابة كما عدي بالى لتضمينه معنى الاصغاء في قوله تعالى: " لا يسمعون إلى الملاء الاعلى " (2) وفي النهاية أي أجاب حمده وتقبله يقال اسمع دعائي أي أجب لان غرض السائل الإجابة والقبول انتهى.