على ما كان مشتملا على الباطل، أو المحرم، لان نياحة الجاهلية كانت كذلك غالبا، ثم قال: المراثي المنظومة جائزة عندنا، وقد سمع الأئمة عليهم السلام المراثي ولم ينكروها.
ثم قال روح الله روحه: لا يعذب الميت بالبكاء عليه، سواء كان بكاء مباحا أو محرما، لقوله تعالى " ولا تزر وازرة وزر أخرى " (1) وما في البخاري ومسلم في خبر عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله، و في رواية أخرى: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله، ويروى أن حفصة بكت على عمر فقال: مهلا يا بنية ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، مؤول.
قيل: وأحسنه أن أهل الجاهلية كانوا ينوحون ويعدون جرائمه كالقتل وشن الغارات، وهم يظنونها خصالا محمودة، فهو يعذب بما يبكون عليه، ويشكل أن الحديث ظاهر في المنع عن البكاء بسبب استلزامه عذاب الميت، بحيث ينتفي التعذيب بسبب انتفاء البكاء قضية للعلية، والتعذيب بجرائمه غير منتف، بكي عليه أولا.
وقيل: لأنهم كانوا يوصون بالندب والنياحة، وذلك حمل منهم على المعصية وهو ذنب، فإذا عمل بوصيتهم زيدوا عذابا، ورد بأن ذنب الميت الحمل على الحرام والامر به، فلا يختلف عذابه بالامتثال وعدمه، ولو كان للامتثال أثر لبقي الاشكال بحاله.
وقيل: لأنهم إذا ندبوه يقال له: كنت كما يقولون؟ ورد بأن هذا توبيخ وتخويف له، وهو نوع من العذاب، فليس في هذا سوى بيان نوع التعذيب، فلم يعذب بما يفعلون؟
وعن عائشة: رحم الله ابن عمر، والله ما كذب، ولكنه أخطأ أو نسي، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وآله بقبر يهودية وهم يبكون عليها، فقال: إنهم يبكون وإنها لتعذب بجرمه، وفي هذا نسبة الراوي إلى الخطاء وهو علة من العلل المخرجة للحديث