لهم: إن رحمتي سبقت غضبي، فلا تقنطوا من رحمتي فإنه لا يتعاظم عندي ذنب عبد أغفره وقل لهم: لا يتعرضوا معاندين] (1) لسخطي ولا يستخفوا بأوليائي، فان لي سطوات عند غضبي لا يقوم لها شئ من خلقي (2).
بيان: " ولا أناس " هم أقل من أهل القرية كأهل بيت كما قال في الشق الثاني مكانه " ولا أهل بيت " وفي القاموس السراء المسرة، والضراء الزمانة والشدة والنقص في الأموال و الأنفس، وفي المصباح سره أفرحه والمسرة منه وهو ما يسر به الانسان والسراء الخير والفضل والضراء نقيض السراء.
" إن رحمتي سبقت غضبي " هذا يحتمل وجوها الأول أن يكون المراد بالسبق الغلبة اي رحمتي غالبة على غضبي، وزائدة عليه، فإنه إذا اشتد سبب الغضب، وكان هناك سبب ضعيف للرحمة يتعلق الرحمة بفضله تعالى.
الثاني أن يكون المراد به السبق المعنوي أيضا على وجه آخر، فان أسباب الرحمة من إقامة دلائل الربوبية في الآفاق والأنفس، وبعثة الأنبياء والأوصياء، وإنزال الكتب، وخلق الملائكة، وبعثهم لهداية الخلق، وإرشادهم ودفع وساوس الشياطين، وغير ذلك من أسباب التوفيق، أكثر من أسباب الضلالة من القوى الشهوانية والغضبية، وخلق الشياطين، وعدم دفع أئمة الضلالة، وأشباه ذلك من أسباب الخذلان.
الثالث أن يراد به السبق الزماني فان تقدير وجود الانسان وإيجاده وإعطاء الجوارح والسمع والبصر، وسائر القوى، ونصب الدلائل والحجج، وغير ذلك، كلها قبل التكليف، والتكليف مقدم على الغضب والعقاب، ويمكن إرادة الجميع بل هو الأظهر.
" لا يتعرضوا معاندين " اي مصرين على المعاصي فان من أذنب لغلبة شهوة أو غضب ثم تاب عن قريب لا يكون معاندا، والاستخفاف بالأولياء شامل لقتلهم