نفعها وخيرها، لمنعنا حقوق المساكين وتركنا الاستثناء " قال أوسطهم " أي أعدلهم قولا وأفضلهم وأعقلهم أو أوسطهم في السن " ألم أقل لكم لولا أن تسبحون " كأنه كان حذرهم سوء فعالهم فقال: لولا تستثنون، لان في الاستثناء التوكل على الله والتعظيم لله، والاقرار على أنه لا يقدر أحد على فعل شئ إلا بمشيئة الله فلذلك سماه تسبيحا، وقيل: معناه هلا تعظمون الله بعبادته واتباع أمره أو هلا تذكرون نعم الله عليكم فتؤدوا شكرها بان تخرجوا حق الفقراء من أموالكم أو هلا نزهتم الله عن الظلم واعترفتم بأنه لا يظلم ولا يرضى منكم بالظلم، وقيل: أي لم لا تصلون.
ثم حكى عنهم أنهم قالوا " سبحان ربنا إنا كنا ظالمين " في عزمنا على حرمان المساكين من حصتهم عند الصرام أو أنه تعالى منزه عن الظلم، فلم يفعل بنا ما فعله ظلما وإنما الظلم وقع منا حيث منعنا الحق " فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون " أي يلوم بعضهم بعضا على ما فرط منهم " قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين " قد علونا في الظلم وتجاوزنا الحد فيه، والويل غلظ المكروه الشاق على النفس " عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها " اي لما تابوا ورجعوا إلى الله قالوا: لعل الله يخلف علينا ويولينا خيرا من الجنة التي هلكت " إنا إلى ربنا راغبون " [أي نرغب إلى الله ونسأله ذلك ونتوب إليه مما فعلناه " كذلك العذاب " في الدنيا للعاصين " ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون "] (1).
وروي عن ابن مسعود أنه قال: بلغني أن القوم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق فأبدلهم بها جنة يقال لها: الحيوان، فيها عنب يحمل البغل منها عنقودا وقال أبو خالد اليمامي: رأيت الجنة ورأيت كل عنقود كالرجل الأسود القائم (2).