أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " وقالوا:
فاجعله منا فانا لا نفسد في الأرض ولا نسفك الدماء.
قال الله جل جلاله: يا ملائكتي " إني أعلم ما لا تعلمون " إني أريد أن أخلق خلقا بيدي أجعل ذريته أنبياء مرسلين، وعبادا صالحين، وأئمة مهتدين، أجعلهم خلفائي على خلقي في أرضي، ينهونهم عن معاصي (1)، وينذرونهم عذابي، ويهدونهم إلى طاعتي، ويسلكون بهم طريق سبيلي، وأجعلهم حجة لي عذرا أو نذرا، وأبين النسناس (2) من أرضي فأطهرها منهم، وأنقل مردة الجن العصاة عن بريتي وخلقي وخيرتي، واسكنهم في الهواء وفي أقطار الأرض لا يجاورون نسل خلقي، وأجعل بين الجن وبين خلقي حجابا، ولا يرى نسل خلقي الجن ولا يؤانسونهم ولا يخالطونهم (3)، فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم لنفسي أسكنتهم مساكن العصاة وأوردتهم مواردهم ولا أبالي، فقالت الملائكة: يا رب افعل ما شئت " لا علم لنا إلا بما علمتنا (4) إنك أنت العليم الحكم " الخبر.
أقول: قد مضى تمامه في باب ما به قوام بدن الانسان (5).
39 - تفسير علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: " والجان خلقناه من قبل من نار السموم " قال: أبو إبليس، وقال: الجن من ولد الجان منهم مؤمنون وكافرون ويهود ونصارى، ويختلف أديانهم، والشياطين من ولد إبليس وليس فيهم مؤمنون إلا واحد، اسمه هام بن هيم بن لا قيس بن إبليس، جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فرآه جسيما عظيما وامرءا مهولا، فقال له: من أنت؟ قال: أنا هام بن هيم بن لاقيس بن إبليس، كنت يوم قتل هابيل غلام ابن أعوام أنهى عن الاعتصام وآمر بافساد الطعام.