الطير، وآتاني كل شئ، ومع جميع ما أوتيت من الملك ما تم لي سرور يوم إلى الليل، وقد أحببت أن أدخل قصري في غد وأصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي، فلا تأذنوا لأحد علي لئلا يرد علي ما ينغص علي يومي، قالوا: نعم.
فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده وصعد إلى أعلى موضع من قصره، ووقف متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه مسرورا (1) بما أوتي، فرحا بما أعطي، إذ نظر إلى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره.
فلما بصر به (2) سليمان عليه السلام قال له: من أدخلك إلى هذا القصر وقد أردت أن أخلو فيه اليوم؟ فباذن من دخلت؟ فقال الشاب: أدخلني هذا القصر ربه وباذنه دخلت، فقال: ربه أحق به مني، فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت، قال عليه السلام:
وفيما جئت؟ قال: جئت لأقبض روحك، قال: امض لما أمرت به، فهذا يوم سروري أبى الله عز وجل أن يكون لي سرور دون لقائه، فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه.
فبقي سليمان متكئا على عصاه وهو ميت ما شاء الله والناس ينظرون إليه وهم يقدرون أنه حي، فافتتنوا فيه واختلفوا فمنهم من قال: إن سليمان قد بقي متكئ " على عصاه هذه الأيام الكثيرة ولم يتعب ولم ينم ولم يأكل ولم يشرب؟ إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده، وقال قوم: إن سليمان ساحر، وأنه يرينا أنه واقف متكئ على عصاه يسحر أعيننا وليس كذلك، فقال المؤمنون: إن سليمان هو عبد الله ونبيه يدبر الله أمره بما شاء.
فلما اختلفوا بعث الله عز وجل الأرضة فدبت في عصاه (3) فلما أكلت جوفها انكسرت العصا وخر سليمان من قصره على وجهه، فشكر الجن للأرضة صنيعها (4)