غير خائف منهم، ولو بقوا على هيأتهم لأتيت على آخرهم، وقد كفى الله كيدهم وكفى المسلمين شرهم وسيسبقني بقيتهم إلى النبي صلى الله عليه وآله فيؤمنون به، وانصرف أمير المؤمنين عليه السلام بمن معه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخبره الخبر فسري عنه ودعا له بخير، و قال له: قد سبقك يا علي إلى من أخافه الله بك فأسلم وقبلت إسلامه (1).
43 - الارشاد: وهذا الحديث روته العامة كما روته الخاصة ولم يتناكروا شيئا " منه، والمعتزلة لميلها إلى مذهب البراهمة تدفعه، ولبعدها عن معرفة الأخبار تنكره، وهي سالكة في ذلك طريق الزنادقة فيما طعنت به في القرآن وما تضمنه من أخبار الجن وإيمانهم بالله ورسوله، وما قص الله تعالى من نبأهم في القرآن في سورة الجن وقولهم: " إنا سمعنا قرآنا " عجبا " إلى آخر ما تضمنه الخبر عنهم في هذه السورة.
وإذا بطل اعتراض الزنادقة (2) في ذلك مع إعجاز القرآن والأعجوبة الباهرة فيه كان مثل ذلك ظهور بطلان طعون المعتزلة في الخبر الذي رويناه لعدم استحالة مضمونه في العقول، وفي مجيئه من طريقين مختلفين وبرواية فريقين متباينين برهان صحته وليس في إنكار من عدل عن الانصاف في النظر من المعتزلة والمجبرة قدح فيما ذكرناه من وجوب العمل عليه، كما أنه ليس في جحد الملاحدة وأصناف الزنادقة واليهود والنصارى والمجوس والصابئين ما جاء في صحته من الأخبار بمعجزات النبي صلى الله عليه وآله كانشقاق القمر وحنين الجذع وتسبيح الحصى في كفه وشكوى البعير وكلام الذراع ومجيئ الشجرة وخروج الماء من بين أصابعه عليه السلام في الميضأة (3)، إطعام الخلق الكثير من الطعام القليل قدح في صحتها وصدق رواتها وثبوت الحجة بها.
وساق الكلام إلى قوله: ولا زال أجد الجاهل من الناصبة والمعاند يظهر التعجب من الخبر بملاقاة أمير المؤمنين عليه السلام الجن وكفه شرهم عن النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه، و