للأرضية يكون الممتزج مائلا إلى عنصر الأرض، وإن كانت للمائية فإلى الماء أو للهوائية فإلى الهواء أو للنارية فإلى النار، لا يبرح ولا يفارق إلا بالاجبار، أو أبان يكون حيوانا فيفارق بالاختيار، وليس لهذه الغلبة حد معين بل تختلف إلى مراتب بحسب أنواع الممتزجات التي تسكن هذا العنصر، ولكون الهواء والنار في غاية اللطافة والشفيف، كانت الملائكة والجن والشياطين بحيث يدخلون المنافذ والمضايق حتى أجواف الانسان ولا يرون بحس البصر إلا إذا اكتسبوا من الممتزجات الأخر التي تغلب عليها الأرضية والمائية جلابيب وغواشي فيرون في أبدان كأبدان الناس أو غيره من الحيوانات، والملائكة كثيرا ما تعاون الانسان على أعمال يعجز هو عنها بقوته كالغلبة على الأعداء والطيران في الهواء والمشي على الماء، ويحفظه خصوصا المضطرين عن كثير من الآفات.
وأما الجن والشياطين فيخالطون بعض الأناسي ويعاونونهم على السحر والطلسمات والنيرنجات، ثم تعرض لدفع الشبهة الواردة على هذا القول وهي أن الملائكة والجن والشياطين إن كانت أجساما ممتزجة من العناصر يجب أن تكون مرئية لكل سليم الحس كسائر المركبات وإلا لجاز أن تكون بحضرتنا جبال شاهقة وأصوات هائلة لا نبصرها ولا نسمعها، والعقل جازم ببطلان ذلك على ما هو شأن العلوم العادية وإن كانت غلبته اللطيف بحيث لا تجوز رؤية الممتزج يلزم أن لا يروا أصلا، وأن تتمزق أبدانهم وتنحل تراكيبهم بأدنى سبب، واللازم باطل لما تواتر من مشاهدة بعض الأولياء والأنبياء (1) إياهم ومكالمتهم ومن بقائهم زمانا طويلا مع هبوب الرياح العاصفة والدخول في المضائق الضيقة، وأيضا لو كان من المركبات المزاجية لكانت لهم صور نوعية وأمزجة مخصوصة تقتضي أشكالا مخصوصة كما في سائر الممتزجات، فلا يتصور التصور بأشكال مختلفة (2).
والجواب: منع الملازمات: أما على القول باستناد الممكنات إلى القادر المختار