والأدوات، واخرج (1) الملاهي والأدوات وأضربها وأحركها وألوحها لعله يرى ذلك فيطرب ويذكر وينشط ويغتر ويهيج (2) فيستعمل الهواء الذي فيه، وهي حياتي وشهوتي فأحيى وأبهج حتى يجد هو السبيل إلى التحرك والخلاص من السجن وهذا ما لم أذكر لأحد قط منذ خلقت، ولولا ما أرى لك من الفضل والكرامة ما أخبرتك بهذا كله.
قال يحيى عليه السلام: فالمسألة الخاصة التي سألتك، قال: نعم سل، قال: هل أصبت مني فرصتك قط في لحظة من بصر أو لفظة بلسان أو هم بقلب؟ قال: اللهم لا، إلا أنه كان يعجبني منك خصلة فكثر ذلك عنك ووقع عندي موقعا شريفا، فتغير لون يحيى من قوله وتبلد وتقاصرت إليه نفسه (3) وارتعدت فرائصه وغشي عليه، قال: وما ذلك يا با مرة؟ قال: أنت رجل أكول وكنت أحيانا تكثر الطعام فتبشم منه ويعتريك الوهن والنوم والثقل والكسل والنعاس فكنت تنام على جنبك أحيانا من الأوقات التي كنت تقوم فيها من الليل، هذا يعجبني منك.
قال: وبهذا كنت تجد علي الفرصة؟ قال: نعم، قال: ما أشد لفرحك وما أشد لحركتك (4)؟ قال: قد ذكرت لك فلم تحفظه، ولكن أجملك، جميع ما يكره الله فهو مختاري، وجميع ما يحب فهو منبوذي، لم أتمالك حتى أحتال بكل حيلة حتى ينبذه، وأزين له مختاري حتى يرفعه، لأن حياتي في استعمال مختاري، ومماتي وهلاكي وذلي وضعفي في استعماله مرفضي ومنبوذي وهو الحلال الطيب من الأشياء والأحزان، ومختاري الحرام والخبث من الأشياء والأفراح، بها قد خطر الله عليه.
ثم قال إبليس: حسبك يا يحيى، فرحا بما قد أظهر ليحيى أنه قد وجد عليه