وهلك، فكذلك هذا، إن ما اخترت صار ذلك شهوتي وهواي وحياتي، فمهما سلبت هلكت، ومهما ظفرت به فرحت وحييت، فإذا رأيت شهوتي وهواي وحياتي عند غيري قد سلبها مني أجتهد كل الجهد حتى أظفر بها ليكون بها قوامي يدي (1) للآدمي سلب حياتي وهي الشهوة (2) والهوى فجعلها في كنه (3) وحرزه وقد تهيأ واستعد يقاتلني ويحاربني فهل بد من المحاربة ليصل المحق إلى حقه ويقهر الظالم فهذه حالتي وشأني (4) وسبب فرحي إذا غلبته.
قال له: وما ظلمه حيث تقول: يقهر الظالم؟ قال: فيظلمني إذا سلب هواي فجعله في كنه، لولاه كيف لا أطمع أنا في حربه وحلاله كما طمع في حرامي وهواي؟
قال له: أليس بمحال (5) أن تقول: أنا أريد استرداد هواي فتفرح إن هو استعمله وتحزن إن لم يستعمل هواك في شؤونه؟ قال: إذا استعمل هواي لست أحزن ولكني أفرح لأنه قد أعطاني نهمتي الفرح، إنما أحزن حتى لا يستعمله (6)، لست أطلب نهمتي لأخذه مني فاني قد أمنت أن لا يرد لأنه قد خيل عليه، ولكنني أريد استعماله فإذا استعمله أعطاني منيتي ومختاري وحياتي فهو نفسي فإذا استعمل منيتي أحياني وفرحني، وإنه استعمله على جهته، وإذا لم يستعمله فهو في كنه كالمسجون، فإذا كان هو في كنه مسجونا مقيدا وهو حياتي كنت كأني المسجون المقيد وصرت حربا (7) لأنه أبدلني بمكان حياتي الموت، فلا بد أن أحتال بكل حيلة آتية بكل خدعة وأهيئ وأزين الآلة