في صورتك وخلقك وتعرض علي مصائدك (1) التي بها تهلك الناس، قال إبليس: سألتني أمرا عظيما ضقت به ذرعا (2) وتفاقم خطبه عندي ولكنك أعز علي وأمن من أن أردك بمسألة ولا أجيبك بحاجة، ولكني أحب أن تخلو برؤيتي فلا يكون معك أحد غيرك، فتواعدا لغد عند ارتفاع النهار، صدر (3) من عنده على ذلك، فلما كان من الغد في تلك الساعة تمثل بين يديه قائما فنظر إلى أمر من أمر الله عظيم، إذا هو ممسوخ منكوس مقبوح هائل كريه، جسده على أمثال أجساد الخنازير، ووجهه على وجه القردة، وشق عينيه طولا وشق فاه طولا، حيال رأسه وأسنانه كلها عظم واحد لا ذقن له أصلا ولا لحية، وشعر رأسه مقلل (4) مقلوب المنبت نحو السماء، وله أربعة أيدي:
يدان في منكبيه، ويدان في جنبيه، وأصابعه مما يليه من القدم خلفه، وعراقيبه (5) أمامه وأصابع يديه ستة، وخده أصلت (6)، ومنخرا أنفه نحو السماء، له خرطوم كخرطوم الطير، ووجهه قبل القفاء، أعمش العينين، أعرج معوج، له جناح، وإذا عليه قميص مقلص (7) قد تمنطق فوقه بعد (8) المجوس، وإذا أكواز صغار قد علقه من منطقته، وحوالي قميصه خياعيل (9) شبه الشرب (10) في ألوان شتى من بياض وسواد وحمرة