فقال: هذه المجوسية أنا الذي سننتها وزينتها لهم، فقال له: ما هذه الخيوط الألوان قال له: هذه جميع أصناع النساء لا تزال المرأة تصنع الصنيع (1) حتى يقع مع لونها فأفتن (2) الناس بها؟ فقال له: فما هذا الجرس الذي بيدك؟ قال: هذا مجمع كل لذة من طنبور وبربط ومعزفة وطبل وناي وصرناي، وإن القوم ليجلسون على شرابهم فلا يستلذونه فأحرك الجرس فيما بينهم فإذا سمعوه استخفهم الطرب فمن بين من يرقص ومن بين من يفرقع أصابعه ومن بين من يشق ثيابه، فقال له: وأي الأشياء أقر لعينك؟ قال: النساء هن فخوخي ومصائدي، فاني إذا اجتمعت على دعوات الصالحين ولعناتهم صرت إلى النساء فطابت نفسي بهن، فقال له يحيى عليه السلام: فما هذه البيضة التي على رأسك؟ قال: بها أتوقى دعوة المؤمنين، قال: فما هذه الحديدة التي أرى فيها؟ قال: بهذه اقلب قلوب الصالحين، قال يحيى عليه السلام: فهل ظفرت بي ساعة قط قال: لا ولكن فيك خصلة تعجبني، قال يحيى: فما هي؟ قال: أنت رجل أكول فإذا أفطرت أكلت وبشمت (3) فيمنعك ذلك من بعض صلاتك وقيامك بالليل، قال يحيى عليه السلام:
فاني أعطي الله عهدا أني لا أشبع من الطعام حتى ألقاه، قال له إبليس: وأنا أعطي الله عهدا أني لا أنصح مسلما حتى ألقاه، ثم خرج فما عاد إليه بعد ذلك (4).
بيان: قوله: وحبا، الظاهر زيادة الواو أو هو عطف على مفعول له الآخر مثله أي أفعله طاعة وحبا، حتى ساواه أي حاذاه محاذ، يقال: ساواه مساواة: ماثله وعادله قدرا أو قيمة، وفي القاموس: الخوخة: كوة تؤدي الضوء إلى البيت، ومخترق ما بين كل دارين ما عليه باب، والكلاب كتفاح: ما يقال له بالفارسية: قلاب قوله: أصناع النساء، في أكثر النسخ بالصاد والعين المهملتين والنون، وفي بعضها بالصاد