تناقلوه وتداولوه لم نمنع أن يكون معلوما لهم إذا اتصل التواتر، وإن لم يكن كذلك لم نمنع أن يكون العلم به وإن بطل وزال أن يكون أمارة يقتضي غالب الظن عند كثير منهم، وهذا هو الأقرب فيما يتمسك به أهل النجوم، لأنهم إذا تدبرت أحوالهم وجدتهم غير واثقين بما يحكمون، وإنما يتقدم أحدهم في ذلك العلم كتقدم الطبيب في الطب، فكما أن علوم الطب مبنية على الامارات التي تقتضيها التجارب وغالب الظن فكذلك القول في علم النجوم، إلا في أمور مخصوصة يمكن أن يعلم بضروب من الاخبار (انتهى).
وقال العلامة - ره - في كتاب (منتهى المطلب): التنجيم حرام، وكذا تعلم النجوم مع اعتقاد أنها مؤثرة، أو أن لها مدخلا في التأثير بالنفع والضرر، و بالجملة كل من يعتقد ربط الحركات النفسانية والطبيعية بالحركات الفلكية و الاتصالات الكوكبية كافر، وأخذ الأجرة على ذلك حرام، وأما من يتعلم النجوم فيعرف قدر سير الكواكب وبعده وأحواله من التربيع والكسف وغيرهما فإنه لا بأس به. ونحوه قال في التحرير والقواعد.
وقال الشيخ الشهيد - ره - في قواعده: كل من اعتقد في الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم وموجدة ما فيه فلا ريب أنه كافر، وإن اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها والله سبحانه هو المؤثر الأعظم كما يقوله أهل العدل فهو مخطئ، إذ لا حياة لهذه الكواكب ثابتة بدليل عقلي ولا نقلي، وبعض الأشعرية يكفرون هذا كما يكفرون الأول، وأوردوا على أنفسهم عدم تكفير المعتزلة وكل من قال بفعل العبد، وفرقوا بأن الانسان وغيره من الحيوان يوجد فعله من أن التذلل ظاهر عليه فلا يحصل منه اهتضام لجانب الربوبية، بخلاف الكواكب فإنها غائبة عنه، فربما أدى ذلك إلى اعتقاد استقلالها وفتح باب الكفر. وأما ما يقال من أن استناد الأفعال إليها كاستناد الاحراق إلى النار وغيرها من العاديات بمعنى أن الله تعالى أجرى عادته أنها إذا كانت على شكل مخصوص أو وضع مخصوص يفعل ما ينسب إليها، ويكون ربط المسببات بها كربط مسببات الأدوية والأغذية بها