وحديثا على تكذيب المنجمين والشهادة فساد مذاهبهم وبطلان أحكامهم، ومعلوم من دين الرسول صلى الله عليه وآله ضرورة التكذيب بما يدعيه المنجمون والازراء عليهم و التعجيز لهم، وفي الروايات عنه صلى الله عليه وآله من ذلك مالا يحصى كثرة وكذا عن علماء أهل بيته عليهم السلام وخيار أصحابه، فما زالوا يبرؤون من مذاهب المنجمين ويعدونها ضلالا ومحالا، وما اشتهر هذه الشهرة في دين الاسلام كيف يغتر (1) بخلافه منتسب إلى الملة، ومصل إلى القبلة؟ فأما إصابتهم في الاخبار عن الكسوفات وما مضى في أثناء المسألة من طلب الفرق بين ذلك وبين سائر ما يخبرون به من تأثيرات الكواكب في أجسامنا، فالفرق بين الامرين أن الكسوفات واقترانات الكواكب وانفصالها طريقة الحساب وتسير الكواكب، وله أصول صحيحة، وقواعد سديدة، وليس كذلك ما يدعونه من تأثيرات الكواكب في الخير والشر، والنفع والضر، ولو لم يكن في الفرق بين الامرين إلا الإصابة الدائمة المتصلة في الكسوفات وما يجري مجراها، فلا يكاد يبين فيها خطاء البتة، وإن الخطاء المعهود الدائم إنما هو في الاحكام الباقية، حتى أن الصواب هو العزيز فيها وما يتفق لعله فيها من الإصابة قد يتفق من المخمن أكثر منه، فحمل أحد الامرين على الآخر بهت وقلة دين (انتهى كلامه ضاعف الله إنعامه).
ونقل عنه السيد بن طاووس - ره - أنه كتب في أجوبة بعض ما سئل عنه:
قلنا إن الذي جاء بعلم النجوم من الأنبياء هو إدريس عليه السلام وإنما علم من جهته على الحد الذي ذكرناه ونعلم أنه لا يجوز كونها دلالة إلا على هذا الوجه فقط لان الشئ إنما يدل على هذا الحد أو على الوجه الذي يدل الدليل العقلي عليه وقد بينا تعذر ذلك في النجوم، فلم يبق إلا ما ذكرناه، والقطع على أن كيفية دلالتها معلوم الآن غير ممكن، لان شريعة إدريس عليه السلام وما علم من قبله كالمندرس فلا نعلم الحال فيه، فإن كان بعض تلك العلوم قد بقي محفوظا عند قوم