بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٥ - الصفحة ٧٥
القمر وتكون في البطء مساوية لكرة الثوابت وتكون الكواكب المركوزة فيما يقارن القطبين مركوزة في هذه الكرة السفلية، إذ لا يبعد وجود كرتين مختلفتين بالصغر والكبر مع كونهما متشابهتين في الحركة، وعلى هذا التقدير لا يمتنع أن تكون هذه المصابيح مركوزة في السماء الدنيا، فثبت أن مذهب الفلاسفة في هذا الباب ضعيف (1) (انتهى).
وأقول: جملة القول في ذلك أن الحكماء أثبتوا أفلاكا تسعة، لأنهم وجدوا أولا لجميع الكواكب حركة سريعة من المشرق إلى المغرب، وهي التي بها يتحقق طلوعها وغروبها، وبها يتحقق الليل والنهار، وهي المسماة بالحركة اليومية وبالحركة الأولى وبحركة الكل، فأثبتوا لها فلكا واحدا يشتمل على الجميع (2)، ثم وجدوا لكل [واحد] من الكواكب السبعة المعروفة بالسيارة

(1) مفاتيح الغيب: ج 8، ص 246.
(2) الهيويون الأقدمون لا سيما شيعة بطلميوس كانوا يزعمون أن العالم الجسماني كرات متداخلة مركزها الأرض التي استوعب ثلاثة أرباع سطحها الماء، وفوقها كرة الهواء، وفوقها كرة النار، ثم فلك القمر، ثم عطارد، ثم الزهرة، ثم الشمس، ثم المريخ، ثم المشترى ثم زحل ثم فلك الثوابت ثم فلك الأفلاك وهو غير متناه قطرا فلا يمكن تحديد سطحه المحدب بحد ولا يقاس بمقياس وكانوا يعدون الشمس والقمر من السيارات ويزعمون انها منحصرة في السبعة المذكورة وان لا حركة للثوابت سوى حركة غريبة بطيئة جدا وان الفلك جسم كروي بسيط شفاف لا يقبل الخرق والالتئام والتغير والفساد وان الكواكب اكر مركوزة في الأفلاك إلى غير ذلك. وقد اختلفوا في عدد الأفلاك حتى ادعى بعض المتأخرين وحدة الفلك الكلى وآخر أنهى الأفلاك الجزئية إلى الثمانين! وكان لأرهاط من الفلاسفة الأقدمين آراء أخرى أحسنها رأى فيثاغورس وكان يرى أن للأرض حركتين وان الحركة اليومية هي حركتها الوضعية كما ثبت في الهيئة الحديثة ونسب إلى بعض اتباعه القول بمركزية الشمس.
ثم إن فلاسفة الاسلام ارتضوا الفرضية البطلميوسية وبنوا عليها وشددوا مبانيها فأصبحت نظرية مرضية بل أصلا مسلما لا يختلف فيه، ثم نزل جم غفير من علماء الاسلام ما ورد في لسان الشرع من لفظة (السماوات) على الأفلاك السبعة (والكرسي) على الثامن و (العرش) على التاسع، ومنهم من قال إن السماوات فوق الأفلاك، وقد تكلفوا لتطبيق الظواهر الشرعية على أصول هذه الفرضية وفروعها، كل ذلك لارتضائهم إياها واعجابهم بها واعتقادهم بأنها أصل هيوي قويم وقاعدة فلكية مسلمة، مع أنها في الأصل فرضية افترضت لحل ما أشكل من المسائل الهيوية ولذلك كلما بدت مشكلة اخذوا في اصلاحها وتتميمها فزادوا في تعداد الأفلاك ونقصوا وأبرموا منا نسجوا ونقضوا، حتى آل الامر إلى انكار كثرة الأفلاك من جهة وانهائها إلى الثمانين من أخرى! واللبيب يأخذ عظته من عبر التاريخ ولا يتهاون بعد في تأويل حقائق الكتاب والسنة بما يعجبه من آراء العلماء وأوهام الحكماء ما لم يستندوا إلى دليل قاطع وبرهان ساطع.
وكيف كان فالهيئة الحديثة تنكر مركزية الأرض ووحدة القمر وانحصار السيارات في النيرين والخمسة المتحيرة وكون الشمس من السيارات والفلك البسيط الذي لا يقبل الخرق والالتئام، واكتشفت بالآلات الهيوية الحديثة كواكب وأقمارا أخرى ليس لها ذكر في الهيئة القديمة فاكتشفت من السيارات فلكان، أورانوس، نبتون وپيلوتون وعدة كواكب صغيرة بين المريخ والمشترى تناهز الف سيارة. واكتشفت للمريخ قمران وللمشتري أحد عشر قمرا ولزحل تسعة أقمار ولأورانوس ستة أقمار إلى غير ذلك، وسنشير إلى بعض ما ثبت في الهيئة الجديدة في موضع انسب إن شاء الله تعالى.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * الباب الرابع * العرش والكرسي وحملتهما 1
3 تفسير الآيات 1
4 العرش ومعناه والكرسي وحملتهما 7
5 * الباب الخامس * الحجب والاستار والسرادقات 39
6 معنى الحجاب 40
7 بيان في وجود الحجب والسرادقات، وفي الذيل ما يناسب 45
8 * الباب السادس * سدرة المنتهى ومعنى عليين وسجين 48
9 تفسير الآيات 48
10 العلة التي من أجلها سميت سدرة المنتهى سدرة المنتهى 51
11 * الباب السابع * البيت المعمور 55
12 العلة التي من أجلها صارت الطواف سبعة أشواط 58
13 * الباب الثامن * السماوات وكيفياتها وعددها، والنجوم وأعدادها وصفاتها والمجرة 61
14 تفسير الآيات 66
15 في الكرات والكواكب، وعدد الأفلاك وفي الذيل ما يناسب المقام 75
16 في منافع النجوم، ومسائل النافعة 84
17 في أن السماوات من بخار الماء، وأسمائها 88
18 فيما قاله علي عليه السلام في خلق السماوات 95
19 فيما قيل في بعد مقعر الأفلاك وقطر القمر والكواكب وأدوارهم 109
20 * الباب التاسع * الشمس والقمر وأحوالهما وصفاتهما والليل والنهار وما يتعلق بهما 113
21 تفسير الآيات 118
22 معنى قوله تبارك تعالى: " وجعلنا الليل والنهار آيتين " 123
23 في منازل القمر وأسمائها 135
24 في أن للشمس ثلاثمأة وستين برجا، وفيه توضيح 141
25 تفصيل في جرم القمر والخسوف والكسوف 150
26 في خلق الليل والنهار، وأيهما سبق 162
27 في ركود الشمس، وبيانه وشرحه 167
28 العلة التي من أجلها سمي الهلال هلالا وأحوال القمر مفصلا 178
29 في طول الشمس والقمر وعرضهما، وبيان ذلك 212
30 * الباب العاشر * علم النجوم والعمل به وحال المنجمين 217
31 فيما قاله السيد المرتضى (ره) في قوله تعالى: " فنظر نظرة في النجوم... 217
32 فيما قاله علي عليه السلام لدهقان من دهاقين الفرس 221
33 في قول الصادق عليه السلام: المنجم، والكاهن، والساحر، والمغنية، ملعون 226
34 في أن أمير المؤمنين (ع) لما قصد أهل النهروان دخل محضره رجل يدعى: سرسفيل... 229
35 للنجوم أصل وهو معجزة نبي عليه السلام 236
36 في دلالة النجوم على إبراهيم عليه السلام 237
37 في دلالة النجوم على ظهور المسلمين على ملوك الفرس 240
38 في النظر على النجوم 241
39 في أن المريخ كوكب حار وزحل كوكب بارد، وفيه بيان وشرح 246
40 فيما قاله أمير المؤمنين (ع) في النجوم لما عزم على المسير إلى الخوارج... 257
41 في أن إدريس النبي عليه السلام كان أول من نظر في علم النجوم والحساب 274
42 تذييل جليل وتفصيل جميل في أقوال بعض أجلاء أصحابنا رضوان الله عليهم... 278
43 في اختلاف المنجمين في الكواكب السبعة 281
44 في قول العلامة رحمه الله بأن التنجيم حرام وكذلك تعلم النجوم مع اعتقاد... 290
45 فيما قاله ابن سينا والشيخ الكراجكي 292
46 أسماء جماعة من الشيعة الذين كانوا عارفا بالنجوم 298
47 قصة بوران بنت حسن بن سهل مع المعتصم وكانت عارفة بالنجوم 302
48 فيما قاله العلامة المجلسي قدس سره 308
49 * الباب الحادي عشر * في النهى عن الاستمطار والانواء والطيرة والعدوى 312
50 في قوله رسول الله (ص): أربعة لا تزال في أمتي إلى يوم القيامة 316
51 فيما قاله النبي (ص) في الطيرة والعدوى، وفيه بيان وتوضيح 318
52 في أن كفارة الطير التوكل، وقول الصادق (ع): الطيرة على ما تجعلها... 322
53 في الشؤم، وفيه بيان وشرح 325
54 * الباب الثاني عشر * ما يتعلق بالنجوم ويناسب أحكامها من كتاب دانيال عليه السلام وغيره 330
55 أول يوم من المحرم من أيام الأسبوع 330
56 في علامات كسوف الشمس في الاثني عشر شهرا 332
57 في علامات خسوف القمر طول السنة 333
58 في اقتران الكواكب 335
59 * أبواب * * الأزمنة وأنواعها وسعادتها ونحوستها وسائر أحوالها * * الباب الثالث عشر * السنين والشهور وأنواعها والفصول وأحوالها 337
60 تفسير قوله تعالى: " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا " 337
61 في تاريخ وسنة الشمسية، والفرس، وتاريخ الملكي، وأسماء شهورهم 343
62 التاريخ الرومي وأشهره 348
63 بحث وتحقيق 350
64 في ولادة النبي ووفاته صلى الله عليه وآله في أيام الأسبوع والشهور 361
65 في غرة محرم الحرام لسنة الهجرة، وغرة رجب المرجب سنة المبعث 365
66 في غدير خم في يوم الأسبوعي 368
67 في يوم العاشورا من الأسبوع 371
68 في يوم طعن فيه عمر بن الخطاب 372
69 في علل أسامي الشهور العربية 380
70 في أسامي شهور قوم ثمود 382