أن أول ربيع الأول في سنة الهجرة يوم الاثنين، والآخر في قوله (من سنة ثلاث عشرة من المبعث) لما عرفت أيضا من الاتفاق على كونه في السنة الرابعة عشر منه، ويمكن توجيه الأول بأن ذلك ليس إشارة إلى أول يوم ولا إلى خروج رسول الله صلى الله عليه وآله كما يتبادر إلى الأذهان، بل إلى التخليف المذكور قبلهما، ولعل هذا أقرب إلى ذلك لفظا لكونه أبعد، ومعنى لما نقل أنه صلى الله عليه وآله توقف بعد خروجه من مكة في الغار المشهور ثلاثة أيام، وكان علي عليه السلام يصل إليه فيه سرا، فالظاهر أن تخليفه فيما أوصى إليه من أموره كان عند ارتحاله عنه فتدبر. وتوجيه الثاني بأن الاتفاق على كونها في الرابعة عشر مبني على أن المبعث كان في رجب، و مبدأ السنة عند العرب هو المحرم، فما بعد المحرم إلى رجب من جملة السنة الثالثة عشر من المبعث وإن كان معدودا عندهم من الرابعة عشر باعتبار مبدأ السنة فهما متوافقان معنى، والمخالفة إنما هي في اللفظ فقط.
ومن ذلك اختلاف القوم بعد اتفاقهم على وقوع نص غدير خم في ثامن عشر ذي الحجة من السنة العاشرة الهجرية في خصوص يوم (1) الأسبوعي، فنقل عن ابن مردويه وعن أخطب خوارزم مرويا عن أبي سعيد الخدري أنه كان يوم الخميس وقال بعض الشيعة إنه كان يوم الجمعة، وما نقل في حبيب السير من اتفاق المؤرخين على أن يوم عرفة في حجة الوداع كان مطابقا ليوم الجمعة مقتض للقول منهم بكونه يوم الأحد، وكذا ما يتوهم مما في كتاب الحجة من الكافي في أثناء رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام حيث قال بعد بيان نزول الصلاة والزكاة والصوم والحج:
(ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم (1)) (الحديث) وكونه توهما لأنه لا يصح أن يكون المراد بلفظ عرفة ههنا يوم عرفة لمكان الباء، ولا الموقف لا لان اسمه عرفات وإطلاق عرفة عليه شبيه بمولد كما في الصحاح والقاموس فإنها مستعملة فيه في كثير من روايات