(والسماء ذات الرجع) قال الطبرسي ره: أي ذات المطر، عن أكثر المفسرين، وقيل: يعني بالرجع شمسها وقمرها ونجومها تغيب ثم تطلع، وقيل:
رجع السماء إعطاؤها الخير الذي يكون من جهتها حالا بعد حال على مرور الأزمان فترجع بالغيث وأرزاق العباد وغير ذلك (1) (انتهى).
وأقول: لا يبعد أن يكون إشارة إلى رجوع المتحيرة كما عرفت.
(وإلى السماء كيف رفعت) أي رفعا بعيد المدى بلا إمساك وبغير عمد (وما بناها) أي ومن بناها.
تذييل: قال الرازي: اعلم أن منافع النجوم كثيرة: منها أنه زين الله السماء بها، ومنها أنه يحصل بسببها في الليل قدر من الضوء ولذلك فإنه إذا تكاثفت السحاب في الليل عظمت الظلمة وذلك بسبب أن السحاب يحجب أنوارها، ومنها أنه يحصل بسببها تفاوت في أحوال الفصول الأربعة فإنها أجسام عظيمة نورانية فإذا قاربت (2) الشمس كوكبا مسخنا في الصيف صار أقوى حرا، وهي مثل نار تضم إلى نار أخرى فإنه لاشك أنه يكون الأثر الحاصل من المجموع أقوى ومنها أنه تعالى جعلها علامات يهتدى بها في ظلمات البر والبحر على ما قال تعالى (وعلامات وبالنجم هم يهتدون)، ومنها أنه تعالى جعلها رجوما للشياطين الذين يخرجون الناس من نور الايمان إلى ظلمة (3) الكفر، يروى أن السبب في ذلك أن الجن كانت تسمع بخبر السماء، فلما بعث محمد صلى الله عليه وآله حرست السماء ورصدت الشياطين فمن جاء منهم مسترقا للسمع رمي بشهاب فأحرقه لئلا ينزل به إلى الأرض فيلقيه إلى الناس فيخلط على النبي أمره ويرتاب الناس بخبره، وهذا هو السبب في انقضاض الشهب، فهذا هو المراد من قوله تعالى (وجعلناها رجوما للشياطين) ومن الناس من طعن في هذا من وجوه: