في الجنان مقامه - وملخصه أن لكل شئ شبها ومثالا في عالم الرؤيا والعوالم التي تطلع عليها الأرواح سوى عالم الحس، وتظهر تلك الصور والمثل على النفوس مختلفة بحسب اختلاف مراتبها في الكمال، فبعض النفوس تظهر لها صورة أقرب إلى ذي الصورة وبعضها أبدع، وشأن المعبر الكامل أن ينتقل من تلك الصور إلى ما هي صور لها بحسب أحوال ذلك الشخص، ولذا لا يطلع عليها كما ينبغي إلا الأنبياء والأوصياء عليهم السلام المطلعون على مراتب استعدادات الاشخاص واختلافهم في النقص والكمال، فالنور الأصفر كناية عن العبادة وصورة لها كما هو المجرب في الرؤيا أنه إذا رأى العارف في المنام صفرة يوفق بعده لعبادة، كما هو المشاهد في وجوه المتهجدين، وقد ورد في الخبر أنه ألبسهم الله من نوره لما خلوا به، و النور الأبيض العلم، كما جرب أن من رأى في المنام لبنا أو ماء صافيا يفاض عليه علم خالص عن الشكوك والشبهات، والنور الأحمر المحبة كما هو المشاهد في وجوه المحبين عند طغيانها، وجرب أيضا في الرؤيا، والنور الأخضر المعرفة وهو العلم المتعلق بذاته وصفاته سبحانه كما هو مجرب في الرؤيا، ويومئ إليه ما روي عن الرضا عليه السلام أنه سئل عما يروى أن محمدا صلى الله عليه وآله رأى ربه في صورة الشاب الموفق في صورة أبناء ثلثين سنة رجلاه في خضرة، فقال عليه السلام: إن رسول الله عليه السلام حين نظر إلى عظمة ربه كان في هيئة الشاب الموفق وسن أبناء ثلثين سنة. فقال الراوي:
جعلت فداك من كانت رجلاه في خضرة؟ قال: ذاك محمد صلى الله عليه وآله كان إذا نظر إلى ربه بقلبه جعله في نور مثل نور الحجب حتى يستبين له ما في الحجب، إن نور الله منه أخضر، ومنه أحمر، ومنه أبيض، ومنه غير ذلك (تمام الخبر) لأنه صلى الله عليه وآله كان حينئذ في مقام كمال العرفان، وخائضا في بحار معرفة الحريم المنان، وكانت رجلاه في النور الأخضر وقائما في مقام بين المعرفة لا يطيقها أحد من الملائكة والبشر وإنما عبروا بهذه العبارات والكنايات لقصور أفهامنا عن أدراك صرف الحق كما تعرض على النفوس الناقصة في المنام هذه الصور، ونحن في منام طويل من الغفلة عن المعارف الربانية، والناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا، والأحوط في أمثال